قَال ابن كَثير : وَقَدْ بُنِيَتْ فِي هَذِهِ الْأَعْصَار، فِي سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعمِائَةِ، مَنَارَة لِلْجَامِعِ الْأُمَوِيّ بَيْضَاء مِنْ حِجَارَة مَنْحُوتَة عِوَضاً عَنْ الْمَنَارَة الَّتِي هُدِمَتْ بِسَبَبِ الْحَرِيق الْمَنْسُوب إِلَى صَنِيع النَّصَارَى، عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَكَانَ أَكْثَر عِمَارَتهَا مِنْ أَمْوَالهمْ، وَقَوِيَتْ الظُّنُون أَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَنْزِل عَلَيْهَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِما السَّلَام، وَهَذَا إِخْبَار مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ.
قلت : وقد اشتهرت هذه المنارة بمئذنة عيسى.
وَذَكَرَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بْن عَسَاكِر فِي " تَارِيخه " عَنْ بَعْض السَّلَف أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، بَعدَ نزولهِ، يُدْفَن مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُجْرَته، فَاَللَّه أَعْلَم.
والتأويل المذكور في الآية رواه ابن جرير عن سعيد بن جبير والعوفي، كلاهما عن ابن عباس.
وروى ابن أبي حاتم بسنده عن الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس في الآية قال : يعني الْيَهُود خَاصَّة، وبه إلى الْحَسَن : يعني النجاشي [ و ] أصحابه.
وبه إليه قال : إِنَّ اللَّه رَفَعَ إِلَيْهِ عِيسَى وَهُوَ بَاعِثه قَبْل يَوْم الْقِيَامَة مَقَاماً يُؤْمِن بِهِ الْبَرّ وَالْفَاجر.
وكذا قال قَتَادَة وعبد الرحمن بن زَيْد بْن أَسْلَم وغير واحد.
قال ابن كثير : وهذا القول هو الحق.


الصفحة التالية
Icon