وقرأ أبَيٌّ :" ليُؤمِنُنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِمْ " بضم النون الأولى مراعاة لمعنى " أحَد " المحذوف، وهو وإن كان لفظه مفرداً، فمعناه جمع، والضمير في " به " لعيسى - عليه السلام -، وقيل : لله تعالى، وقيل : لمحمَّد - عليه السلام -، وفي " مَوْته " لعيسى، ويُروى في التفسير ؛ أنه حين ينزل إلى الأرض يُؤمِنُ به كلُّ أحدٍ، حتى تصيرَ المِلّةُ كلُّها إسلامية وهو قَوْلُ قَتادَة، وابن زَيْدٍ وغيرِهِما، وهو اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ.
وقيل : يَعُود على " أحَد " المُقدَّر، أي : لا يَمُوت كِتَابِيٌّ حتى يُؤمن بعيسى قبل مَوْتِهِ عند المُعَايَنَةِ حين لا يَنْفَعُهُ.
ونُقِل عن ابن عَبَّاسٍ ذلك، فقال له عِكْرِمة، أفَرأيْتَ إن خَرَّ بَيْتٌ أو احْتَرَق أو أكَلَهُ سَبُعٌ؟ قال : لا يمُوتُ حَتَّى يُحَرِّكَ بها شَفَتَيْهِ، أي : بالإيمَانِ بعيسى.
وروى شَهْر بن حَوْشب [ عن الحَجَّاج ؛ أنه ] قال يا شهر آية في كتاب الله ما قَرأتُهَا إلاَّ في نفسي مِنْهَا شَيْءٌ، يعني : هذه الآيَةَ ؛ فإني أضْرِبُ عُنُقَ اليَهُودِي، ولا أسْمَعُ منه ذلِك، فقُلْتُ : إن اليَهُودِي إذا حَضَرَهُ المَوْتُ ضَرَبَت الملائِكَة وَجْهَهُ وَدبُرَهُ، وقالوا : يا عَدُوَّ اللَّهِ، أتاك عِيسَى نَبِيّاً فكَذَّبْت [ به، فيقُولُ :] آمنْتُ أنه عَبْدُ الله، فأهْلُ الكِتَابِ [ يؤمِنُون ] به، ولكن حَيْثُ لا يَنْفَعُهُم ذَلِك الإيمانُ، فاسْتَوَى الحَجَّاج جَالِساً فقال : مِمَّن نَقَلْتَ هذا؟ فقال : حَدَّثَنِي [ به ] محمد بن عَلِيّ ابن الحَنفِيَّة، فأخذ يَنْكُتُ في الأرْضِ بِقَضيبٍ، ثم قال : أخَذْتهَا من عَيْنٍ صَافِيَةٍ.
وقرأ الفَيَّاض بن غزوان " وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب " بتشديد " إنَّ "، وهي قِرَاءةٌ مَرْدُودَةٌ لإشْكَالِهَا.


الصفحة التالية
Icon