ومن فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ ﴾ نصب على المدح، أو بإضمار أرسلنا أو على الحال من ﴿ رُسُلاً ﴾ [ النساء : ١٦٤ ] الذي قبله، أو ضميره وهي حال موطئة، والمقصود وصفها.
وضعف هذا بأنه حينئذ لا وجه للفصل بين الحال وذيها، وجوز أن يكون نصباً على البدلية من ﴿ رُسُلاً ﴾ الأول، وضعف بأن اتحاد البدل والمبدل منه لفظاً بعيد، وإن كان المعتمد بالبدلية الوصف أي مبشرين من آمن وأطاع بالجنة والثواب ومنذرين من كفر وعصى بالنار والعقاب.
﴿ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ ﴾ أي معذرة يعتذرون بها قائلين ﴿ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً ﴾ [ طه : ١٣٤ ] فيبين لنا شرائعك ويعلمنا ما لم نكن نعلم من أحكامك لقصور القوى البشرية عن إدراك جزئيات المصالح، وعجز أكثر الناس عن إدراك كلياتها.
فالآية ظاهرة في أنه لا بد من الشرع وإرسال الرسل ؛ وأن العقل لا يغني عن ذلك، وزعم المعتزلة أن العقل كاف وأن إرسال الرسل إنما هو للتنبيه عن سنة الغفلة التي تعتري الإنسان من دون اختيار، فمعنى الآية عندهم لئلا يبقى للناس على الله حجة، وسيأتي ردّ ذلك إن شاء الله تعالى مع تحقيق هذا المبحث.


الصفحة التالية
Icon