بهذا تطمئن النفوس وتثلج الصدور، ويعتصم المرزوء بالصبر، انتظاراً لجزيل الأجر، أو إرضاء لمن بيده الأمر، وبهذا ينحل أعظم مشكل في الاجتماع الْإِنْسَاْني، لا يزال العقلاء يجهدون أنفسهم في حله إلى اليوم.
ليس من وظائف الرسل ما هو عمل المدرسين ومعلمي الصناعات، فليس مما جاءوا له تعليم التاريخ، ولا تفصيل ما يحويه عالم الكواكب، ولا بيان ما اختلف من حركاتها، ولا ما استكن من طبقات الأرض ؛ ولا مقادير الطول فيها والعرض، ولا ما تحتاج إليه النباتات في نموها، ولا ما تفتقر إليه الحيوانات في إبقاء أشخاصها وأنواعها.... وغير ذلك مما وضعت له العلوم، وتسابقت في الوصل إلى دقائقه الفهوم، فإن ذلك كله من وسائل الكسب وتحصيل طرق الراحة، هدى الله إليه البشر بما أودع فيهم من الإدراك، يزيد في سعادة المخلصين، ويقضي فيه بالنكد على المقصرين، ولكن كانت سنة الله في ذلك، أن يتبع طريقة التدرج في الكمال، وقد جاءت شرائع الأنبياء بما يحمل على الإجماع بالسعي فيه، وما يكفل التزامه بالوصول إلى ما أعد الله له الفطر الْإِنْسَاْنية من مراتب الارتقاء.


الصفحة التالية
Icon