فصل


قال الفخر :
اعلم أن قوله ﴿لَكِنِ﴾ لا يبتدأ به لأنه استدراك على ما سبق، وفي ذلك المستدرك قولان : الأول : أن هذه الآيات بأسرها جواب عن قوله ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كتابا مّنَ السماء﴾ [ النساء : ١٥٣ ] وهذا الكلام يتضمن أن هذا القرآن ليس كتاباً نازلاً عليهم من السماء فكأنه قيل : إنهم وإن شهدوا بأن القرآن لم ينزل عليه من السماء لكن الله يشهد بأنه نازل عليه من السماء.
الثاني : أنه تعالى لما قال ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [ النساء : ١٦٣ ] قال القوم : نحن لا نشهد لك بذلك، فنزل ﴿لكن الله يَشْهَدُ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٨٩﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لكن الله يَشْهَدُ ﴾ رفع بالابتداء، وإن شئت شدّدت النون ونصبت.
وفي الكلام حذف دل عليه الكلام ؛ كأنّ الكفار قالوا : ما نشهد لك يا محمد فيما تقول فمن يشهد لك؟ فنزل "لَكِن اللَّهُ يَشْهَدُ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ لكن الله يَشْهَدُ ﴾ بتخفيف النون ورفع الجلالة.
وقرأ السليمي بتشديد النون ونصب الجلالة، وهو استدراك عن مفهوم ما قبله كأنهم لما سألوه ﷺ إنزال كتاب من السماء وتعنتوا ورد عليهم بقوله تعالى :﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ [ النساء : ١٦٣ ] الخ قيل : إنهم لا يشهدون لكن الله يشهد.


الصفحة التالية