ومن فوائد الثعلبى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى ﴿ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾ الآية، نزلت في اليهود وذلك لما أنزل الله تعالى قوله ﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء ﴾ [ النساء : ١٥٣ ] إلى قوله تعالى :﴿ وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً ﴾ [ النساء : ١٦٥ ].
لفضحهم وذكر عيوبهم وذنوبهم ؛ غضبوا وقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء وأنزل ﴿ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إلى نُوحٍ ﴾ جعله الله تعالى ثاني المصطفى ﷺ في موضعين من كتابه في أهل الميثاق بقوله تعالى :﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ ﴾ [ الأحزاب : ٧ ] والثاني في الوحي، فقال :﴿ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إلى نُوحٍ ﴾ فإن قيل : ما الحكمة في تقديم نوح على سائر الأنبياء وفيهم من هو أفضل منه؟ يقال : لأنه كان أبو البشر قال الله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين ﴾ [ الصافات : ٧٧ ] وقيل : لأنه أول نبي من أنبياء الشريعة وأول داع ونذير عن الشرك.
وقيل : لأنه أول من عذب أمّته لردّهم دعوته وأهلك كل الأرض بدعائه عليهم لأنه كان أطول الأنبياء عمراً.
وقيل : إنه كبير الأنبياء، وجعل معجزته في نفسه لأنه عُمِّر ألف سنة ولم ينقص له سن ولم تنقص له قوة ولم يشب له شعر.
وقيل لأنه لم يبالغ أحد من الأنبياء في الدين ما بالغ نوح ولم يصبر على أذى قوم ما صبر نوح وكان يدعو قومه ليلاً ونهاراً إعلاناً وإسراراً وكان يشتم ويضرب حتى يغمى عليه فإذا فاق دعا وبالغ وكان الرجل منهم يأخذ بيد إبنه فيقول له : يابني إحذر هذا فإنه ساحر كذاب. قال الله تعالى ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وأطغى ﴾ [ النجم : ٥٢ ].
وقال من عتق عنه [...... ] يوم القيامة بعد محمد ﷺ وقيل لأن مقامه الشكر قال الله تعالى ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً ﴾ [ الإسراء : ٣ ] فكما [...... ] القرآن فكذلك نوح ( عليه السلام ) صدر [...... ] وقال أول من يُدَعى إلى الجنة الحمّادون لله على كل حال.