ثم قال تعالى :﴿خالدين فِيهَا أَبَداً﴾ والمعنى أنه تعالى لا يهديهم يوم القيامة إلى الجنة بل يهديهم إلى طريق جهنم ﴿وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً﴾ انتصب خالدين على الحال، والعامل فيه معنى لا ليهديهم لأنه بمنزلة نعاقبهم خالدين، وانتصب ﴿أَبَدًا﴾ على الظرف، وكان ذلك على الله يسيراً، والمعنى لا يتعذر عليه شيء فكان إيصال الألم إليهم شيئاً بعد شيء إلى غير النهاية يسيراً عليه وإن كان متعذراً على غيره. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩٠ ـ ٩١﴾
وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ﴾ يعني صرفوا الناس عن دين الله ﴿ قَدْ ضَلُّواْ ضلالا بَعِيداً ﴾ عن الحق.
ثم قال تعالى :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ ﴾ أي جحدوا وأشركوا ﴿ لَّمْ يَكُنْ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ ﴾ أي ما داموا على كفرهم ﴿ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ يعني : لا يوفقهم لطريق الإسلام ﴿ إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ ﴾ يعني : يتركهم ويخذلهم في طريق الكفر عقوبة لكفرهم ولجحودهم وهو طريق جهنم.
ويقال : إلا العمل الذي يجبرهم إلى جهنم.
وقال الضحاك : لا يهديهم طريقاً يوم القيامة، أي لا يرفع لهم إلا طريق جهنم.
وذلك أن أهل الإيمان يرفع لهم في الموقف طريق تأخذ بهم إلى الجنة، ويرفع لأهل الكفر طريق ينتهي بهم إلى النار.
ثم قال تعالى :﴿ خالدين فِيهَا أَبَداً ﴾ أي دائمين فيها ﴿ وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً ﴾ أي خلودهم وعذابهم في النار هيّن على الله تعالى. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
أخبر تعالى عن الكافرين الذين يصدون الناس عن سبيل الله أنهم قد بعدوا عن الحق و﴿ ضلوا ضلالاً بعيداً ﴾ لا يقرب رجوعهم عنه ولا تخلصهم معه، وقرأ عكرمة وابن هرمز " وصُدوا " بضم الصاد.


الصفحة التالية
Icon