ومن فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ والنبيين مِن بَعْدِهِ ﴾ جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله ﷺ ( أن ينزل عليهم ) كتاباً من السماء، واحتجاج عليهم بأن شأنه في الوحي كشأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين لا ريب في نبوّتهم، وقيل : هو تعليل لقوله تعالى :﴿ الراسخون فِى العلم ﴾ [ النساء : ١٦٢ ].
وأخرج ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ؛ "قال سكين وعدي بن زيد : يا محمد ما نعلم الله تعالى أنزل على بشر من شيء بعد موسى عليه السلام فأنزل الله تعالى هذه الآية" والكاف في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي إيحاءاً مثل إيحائنا إلى نوح عليه السلام، أو حال من ذلك المصدر المقدر معرفاً كما هو رأي سيبويه أي إنا أوحينا الإيحاء ( حال كونه ) ( ١ ) مشبهاً بإيحائنا الخ، و( ما ) في الوجهين مصدرية.
وجوّز أبو البقاء أن تكون موصولة فيكون الكاف مفعولاً به أي أوحينا إليك مثل الذي أوحيناه إلى نوح من التوحيد وغيره وليس بالمرضى، و( من بعده ) متعلق بأوحينا ولم يجوّزوا أن يكون حالاً من النبيين لأن ظروف الزمان لا تكون أحوالاً للجثث، وبدأ سبحانه بنوح عليه السلام تهديداً لهم لأنه أول نبي عوقب قومه، وقيل : لأنه أول من شرع الله تعالى على لسانه الشرائع والأحكام، وتعقب بالمنع، وقيل : لمشابهته بنبينا ﷺ في عموم الدعوة لجميع أهل الأرض، ولا يخلو عن نظر لأن عموم دعوته عليه السلام اتفاقي لا قصدي، وعموم الفرق على القول به وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه ليس قطعي الدلالة على ذلك كما لا يخفى.