﴿ وَأَوْحَيْنَا إلى إبراهيم ﴾ عطف على ﴿ أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ ﴾ داخل معه في حكم التشبيه أي كما أوحينا إلى إبراهيم ﴿ وإسماعيل وإسحاق وَيَعْقُوبَ وَالاسْبَاطَ ﴾ وهم أولاد يعقوب عليه السلام في المشهور، وقال غير واحد : إن الأسباط في ولد إسحاق كالقبائل في أولاد إسماعيل، وقد بعث منهم عدة رسل، فيجوز أن يكون أراد سبحانه بالوحي إليهم الوحي إلى الأنبياء منهم كما تقول : أرسلت إلى بني تميم، وتريد أرسلت إلى وجوههم، ولم يصح أن الأسباط الذين هم أخوة يوسف عليه السلام كانوا أنبياء بل الذي صح عندي وألف فيه الجلال السيوطي "رسالة" خلافه ﴿ وعيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وهارون وسليمان ﴾ ذكروا مع ظهور انتظامهم في سلك النبيين تشريفاً لهم وإظهاراً لفضلهم على ما هو المعروف في ذكر الخاص بعد العام في مثل هذا المقام، وتكرير الفعل لمزيد تقرير الإيحاء والتنبيه على أنهم طائفة خاصة مستقلة بنوع مخصوص من الوحي، وبدأ بذكر إبراهيم بعد التكرير لمزيد شرفه ولأنه الأب الثالث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما نص عليه الأجهوري وغيره.
وقدم عيسى عليه السلام على من بعده تحقيقاً لنبوته وقطعاً لما رآه اليهود فيه، وقيل : ليكون الابتداء بواحد من أولي العزم بعد تغير صفة المتعاطفات إفراداً وجمعاً وكل هذه الأسماء على ما ذكره أبو البقاء أعجمية إلا الأسباط، وفي ذلك خلاف معروف، وفي يونس لغات أفصحها ضم النون من غير همز، ويجوز فتحها وكسرها مع الهمز وتركه.
﴿ وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً ﴾ عطف على ﴿ أَوْحَيْنَا ﴾ داخل في حكمه لأن إيتاء الزبور من باب الإيحاء، وكما آتينا داود زبوراً وإيثاره على أوحينا إلى داود لتحقق المماثلة في أمر خاص، وهو إيتاء الكتاب بعد تحققها في مطلق الإيحاء ؛ والزبور بفتح الزاي عند الجمهور وهو فعول بمعنى مفعول كالحلوب.
والركوب كما نص عليه أبو البقاء.


الصفحة التالية
Icon