وقرأ حمزة وخلف ﴿ زَبُوراً ﴾ بضم الزاي حيث وقع، وهو جمع زبر بكسر فسكون بمعنى مزبور أي مكتوب، أو زَبْر بالفتح والسكون كفلس وفلوس، وقيل : إنه مصدر كالقعود والجلوس، وقيل : إنه جمع زبور على حذف الزوائد، وعلى العلات جعل اسماً للكتاب المنزل على داود عليه السلام، وكان إنزاله عليه عليه السلام منجماً وبذلك يحصل الإلزام، "وكان فيه كما قال القرطبي مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم من الأحكام، وإنما هي حكِمَ ومواعظ" والتحميد والتمجيد والثناء على الله تعالى شأنه. أ هـ ﴿ روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
ومن فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ... الآية ﴾
استأنفتْ هذه الآياتُ الردّ على سؤال اليهود أن يُنَزّل عليهم كتاباً من السماء، بعد أن حُمقوا في ذلك بتحميق أسلافهم : بقوله :﴿ فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ﴾ [ النساء : ١٥٣ ]، واستُطردت بينهما جمل من مخالفة أسلافهم، وما نالهم من جرّاء ذلك، فأقبل الآن على بيان أنّ إنزال القرآن على محمّد ﷺ لم يكن بِدْعاً، فإنّه شأن الوحي للرسل، فلم يقدح في رسالتهم أنَّهم لم ينزّل عليهم كتاب من السماء.
والتأكيد ( بإنّ ) للاهتمام بهذا الخبر أو لتنزيل المردود عليهم منزلة من ينكر كيفيّة الوحي للرسل غير موسى، إذ لم يَجْروا على موجب علمهم حتّى أنكروا رسالة رسول لم يُنْزل إليه كتاب من السماء.
والوحي إفادة المقصود بطريق غير الكلام، مثل الإشارة قال تعالى :﴿ فخرج على قومه من المحراب فأوحَى إليهم أن سبّحوا بكرة وَعَشِيّاً ﴾ [ مريم : ١١ ].
وقال داوود بن جرير:
يَرْمُون بالخُطب الطِواللِ وتارةً...
وَحْيُ اللواحِظِ خيفَةَ الرقباء


الصفحة التالية
Icon