فصل


قال الفخر :
قال الزجاج : الإيحاء الإعلام على سبيل الخفاء، قال تعالى :﴿فأوحى إِلَيْهِمْ أَن سَبّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ [ مريم : ١١ ] أي أشار إليهم، وقال ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين أَنْ ءامِنُواْ بِى﴾ [ المائدة : ١١١ ] وقال ﴿وأوحى رَبُّكَ إلى النحل﴾ [ النحل : ٦٨ ] ﴿وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى﴾ [ القصص : ٧ ] والمراد بالوحي في هذه الآيات الثلاثة الإلهام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٨٧﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إلى نُوحٍ ﴾.
هذا متصل بقوله :﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السمآء ﴾ [ النساء : ١٥٣ ] فأعلم تعالى أن أمر محمد ﷺ كأمر من تقدّمه من الأنبياء.
وقال ابن عباس فيما ذكره ابن إسحاق : نزلت في قوم من اليهود منهم سُكَين وعديّ بن زيد قالوا للنبي ﷺ : ما أوحى الله إلى أحد من بعد موسى فكذبهم الله.
والوحي إعلام في خفاء ؛ يقال : وحى إليه بالكلام يَحِى وَحْياً وأوحى يُوحى إيحَاء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلىنوح والنبيين من بعده ﴾ قال ابن عباس قال سكين وعدي بن زيد يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى فأنزل الله هذه الآيات وقيل هو جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله ﷺ أن ينزل عليهم كتاباً من السماء جملة وأحدة فأجاب الله عز وجل من سؤالهم بهذه الآية فقال : إنا أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى نوح أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده والمعنى إنكم يا معشر اليهود تقرون بنبوة نوح وبجميع الأنبياء المذكورين في هذه الآية وهم اثنا عشر نبياً والمعنى أن الله تعالى أوحى إلى هؤلاء الأنبياء وأنتم يا معشر اليهود معترفون بذلك وما أنزل الله على أحد من هؤلاء المذكورين كتاباً جملة واحدة مثل ما أنزل على موسى فلما لم يكن عدم إنزال الكتاب جملة واحدة على أحد هؤلاء الأنبياء قادحاً في نبوته فكذلك لم يكن إنزال القرآن على محمد ﷺ قادحاً في نبوته بل قد أنزل عليه كما أنزل عليهم.


الصفحة التالية
Icon