قال أبيّ بن كعب : لما أخذ الله الميثاق على بني آدم كان عيسى روحاً من تلك الأرواح، فأرسله إِلى مريم، فحملت به.
والثاني : أن الروح النفخ، فسُمّي روحاً، لأنه حدث عن نفخة جبريل في درع مريم.
ومنه قول ذي الرمّة :
وَقُلتُ لهُ ارْفعهَا إِليك وأحْيِها...
بروحِك واقْتَتْه لها قيتَةً قدْرَا
هذا قول أبي رَوق.
والثالث : أن معنى ﴿ وروحٌ منه ﴾ إِنسان حيٌ بإحياء الله له.
والرابع : أن الروح : الرحمة، فمعناه : ورحمة منه، ومثله ﴿ وأيدهم بروح منه ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ].
والخامس : أن الروح هاهنا جبريل.
فالمعنى : ألقاها الله إلى مريم، والذي ألقاها روحٌ منه.
ذكر هذه الأقوال الثلاثة أبو سليمان الدمشقي.
والسادس : أنه سمّاه روحاً، لأنه يحيا به الناس كما يحيون بالأرواح، ولهذا المعنى : سمي القرآن روحاً، ذكره القاضي أبو يعلى.
والسابع : أن الروح : الوحي أوحى الله إلى مريم يبشرها به، وأوحى إِلى جبريل بالنفخ في درعها، وأوحى إِلى ذات عيسى أن : كن فكان.
ومثله :﴿ ينزل الملائكة بالروح من أمره ﴾ [ النحل : ٢ ] أي : بالوحي، ذكره الثعلبي.
فأما قوله :"منه" فانه إِضافة تشريفٍ، كما تقول : بيت الله، والمعنى من أمره، ومما يقاربها قوله :﴿ وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ﴾ [ الجاثية : ١٣ ]. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَآمِنُواْ بالله وَرُسُلِهِ ﴾ أي آمنوا بأن الله إله واحد خالق المسيح ومرسِله، وآمنوا برسله ومنهم عيسى فلا تجعلوه إلهاً.
﴿ وَلاَ تَقُولُواْ ﴾ آلهتنا ﴿ ثَلاَثَةٌ ﴾ عن الزجاج.
قال ابن عباس : يريد بالتثليث الله تعالى وصاحبته وابنه.
وقال الفرّاء وأبو عبيد : أي لا تقولوا هم ثلاثة ؛ كقوله تعالى :﴿ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ ﴾ [ الكهف : ٢٢ ].
قال أبو عليّ : التقدير ولا تقولوا هو ثالث ثلاثة ؛ فحذف المبتدأ والمضاف.


الصفحة التالية
Icon