قوله تعالى ﴿ انتهوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا الله إله واحد سبحانه أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ﴾
قال الفخر :
﴿انتهوا خَيْراً لَّكُمْ﴾ قد ذكرنا وجه انتصابه عند قوله ﴿فآمنوا خيراً لكم ﴾.
ثم أكد التوحيد بقوله ﴿إِنَّمَا الله إله واحد﴾ ثم نزّه نفسه عن الولد بقوله ﴿سبحانه أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ ودلائل تنزيه الله عن الولد قد ذكرناها في سورة آل عمران وفي سورة مريم على الاستقصاء.
وقرأ الحسن : إن يكون، بكسر الهمزة من ﴿إن﴾ ورفع النون من يكون، أي سبحانه ما يكون له ولد، وعلى هذا التقدير فالكلام جملتان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩٣﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ انتهوا خَيْراً لَّكُمْ ﴾ "خيراً" منصوب عند سيبويه بإضمار فعل ؛ كأنه قال : ائتوا خيراً لكم، لأنه إذا نهاهم عن الشرك فقد أمرهم بإتيان ما هو خير لهم ؛ قال سيبويه : ومما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره ﴿ انتهوا خَيْراً لَّكُمْ ﴾ لأنك إذا قلت : ائته فأنت تخرجه من أمر وتدخله في آخر ؛ وأنشد :
فواعِدِيه سَرْحَتَيْ مالِكٍ...
أَوِ الرُّبَا بينهما أسْهَلاَ
ومذهب أبي عبيدة : انتهوا يكن خيراً لكم ؛ قال محمد بن يزيد : هذا خطأ ؛ لأنه يضمر الشرط وجوابه، وهذا لا يوجد في كلام العرب.
ومذهب الفرّاء أنه نعت لمصدر محذوف ؛ قال عليّ بن سليمان : هذا خطأ فاحش ؛ لأنه يكون المعنى : انتهوا الانتهاء الذي هو خير لكم.
قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا الله إله وَاحِدٌ ﴾ هذا ابتداء وخبر ؛ و"وَاحِدٌ" نعت له.
ويجوز أن يكون "إله" بدلاً من اسم الله عز وجل و"واحد" خبره ؛ التقدير إنما المعبود واحد.
﴿ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ أي تنزيهاً عن أن يكون له ولد ؛ فلما سقط "عن" كان "أن" في محل النصب بنزع الخافض ؛ أي كيف يكون له ولد؟ وولد الرجل مُشْبِه له، ولا شبيه لله عز وجل. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض ﴾


الصفحة التالية
Icon