قال الفخر :
اعلم أنه سبحانه في كل موضع نزّه نفسه عن الولد ذكر كونه ملكاً ومالكاً لما في السموات وما في الأرض فقال في مريم ﴿إِن كُلُّ مَن فِى السموات والأرض إِلاَّ آتِى الرحمن عَبْداً﴾ [ مريم : ٩٣ ] والمعنى : من كان مالكاً لكل السموات والأرض ولكل ما فيها كان مالكاً لما هو أعظم منهما فبأن يكون مالكاً لهما أولى، وإذا كانا مملوكين له فكيف يعقل مع هذا توهم كونهما له ولداً وزوجة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩٣ ـ ٩٤﴾
وقال القرطبى :
﴿ لَّهُ وما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ فلا شريك له، وعيسى ومريم من جملة ما في السَّموات وما في الأرض، وما فيهما مخلوق، فكيف يكون عيسى إلهاً وهو مخلوق! وإن جاز ولد فليجزْ أولاد حتى يكون كل من ظهرت عليه معجزة ولداً له. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وكفى بالله وَكِيلاً﴾
قال الفخر :
المعنى أن الله سبحانه كاف في تدبير المخلوقات وفي حفظ المحدثات فلا حاجة معه إلى القول بإثبات إله آخر، وهو إشارة إلى ما يذكره المتكلمون من أنه سبحانه لما كان عالماً بجميع المعلومات قادراً على كل المقدورات كان كافياً في الإلهية، ولو فرضنا إلهاً آخر معه لكان معطلاً لا فائدة فيه، وذلك نقص، والناقص لا يكون إلهاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩٤﴾
وقال القرطبى :
﴿ وكفى بالله وَكِيلاً ﴾ أي لأوليائه ؛ وقد تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال السمرقندى :
﴿ وكفى بالله وَكِيلاً ﴾ يعني كفيلاً ويقال شاهداً ولا شاهد أفضل منه. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ﴾ قيل : نزلت في نصارى نجران قاله مقاتل.
وقال الجمهور : في عامة النصارى، فإنهم يعتقدون الثالوت يقولون : الأب، والابن، وروح القدس إله واحد.
وقيل : في اليهود والنصارى، نهاهم عن تجاوز الحد.