﴿ فَإِن كَانَتَا اثنتين فَلَهُمَا الثلثان مِمَّا تَرَكَ ﴾ عطف على الشرطية الأولى، والضمير لمن يرث بالأخوة، وتثنيته محمولة على المعنى وحكم ما فوق الاثنتين كحكمهما، واستشكل الإخبار عن ضمير التثنية بالاثنتين لأن الخبر لا بد أن يفيد غير ما يفيده المبتدأ، ولهذا لا يصح سيد الجارية مالكها، وضمير التثنية دال على الاثنينية فلا يفيد الإخبار عنه بما ذكر شيئاً، وأجيب عن ذلك أن الاثنينية تدل على مجرد التعدد من غير تقييد بكبر أو صغر أو غير ذلك من الأوصاف فكأنه قيل : إنهما يستحقان ما ذكر بمجرد التعدد من غير اعتبار أمر آخر وهذا مفيد، وإليه ذهب الأخفش، ورد بأن ضمير التثنية يدل على ذلك أيضاً فعاد الإشكال، وروى مكي عنه أنه أجاب بأن ذلك حمل على معنى من يرث، وأن الأصل والتقدير إن كان من يرث بالإخوة اثنين، وإن كان من يرث ذكوراً وإناثاً فيما يأتي ؛ وإنما قيل : كانتا وكانوا لمطابقة الخبر كما قيل : من كانت أمك، ورد بأنه غير صحيح وليس نظير المثال، لأنه صرح فيه بمن وله لفظ ومعنى، فمن أنث راعى المعنى وهو الأم ولم يؤنث لمراعاة الخبر، ومدلول الخبر فيه مخالف لمدلول الاسم بخلاف ما نحن فيه فإن مدلولهما واحد.
وذكر أبو حيان لتخريج الآية وجهين : الأول "أن ضمير كانتا لا يعود على الأختين بل على الوارثتين، وثم صفة محذوفة لاثنتين، والصفة مع الموصوف هو الخبر، والتقدير : فإن كانتا أي الوارثتان اثنتين من الأخوات ( فلهما الثلثانمما ترك ) فيفيد إذ ذاك الخبر ما لا يفيده الاسم، وحذف الصفة لفهم المعنى جائز، والثاني أن يكون الضمير عائداً على الأختين كما ذكروا ويكون خبر ( كان ) محذوفاً لدلالة المعنى عليه وإن كان حذفه قليلاً، ويكون اثنتين حالاً مؤكدة، والتقدير فإن كانتا أي الأختان له أي للمرء الهالك، ويدل على حذف ( الخبر الذي هو ) له ﴿ وَلَهُ أُخْتٌ ﴾ ".