وذهب الكسائي والفراء وغيرهما من الكوفيين إلى تقدير اللام ولا في طرفي ﴿ إن ﴾ أي لئلا تضلوا، وقيل : ليس : هناك حذف ولا تقدير وإنما المنسبك مفعول ﴿ يُبِينُ ﴾ أي يبين لكم ضلالكم، ورجح هذا بأنه من حسن الختام والالتفات إلى أول السورة وهو ﴿ يَا أَيُّهَا الناس اتقوا رَبَّكُمُ ﴾ [ النساء : ١ ] فإنه سبحانه أمرهم بالتقوى وبين لهم ما كانوا عليه في الجاهلية، ولما تم تفصيله قال عز وجل لهم : إني بينت لكم ضلالكم فاتقوني كما أمرتكم فإن الشر إذا عرف اجتنب، والخير إذا عرف ارتكب، واعترض بأن المبين صريحاً هو الحق والضلال يعلم بالمقايسة، فكان الظاهر يبين لكم الحق إلا أن يقال : بيان الحق واضح وبيان الضلال خفي فاحتيج إلى التنبيه عليه، وفيه تأمل، وذكر الجلال السيوطي أن حسن الختام في هذه السورة أنها ختمت بآية الفرائض، وفيها أحكام الموت الذي هو آخر أمر كل حي وهي أيضاً آخر ما نزل من الأحكام ﴿ والله بِكُلّ شَيْء ﴾ من الأشياء التي من جملتها أحوالكم المتعلقة بمحياكم ومماتكم ﴿ عَلِيمٌ ﴾ مبالغ في العلم فيبين لكم ما فيه مصلحتكم ومنفعتكم. أ هـ ﴿ روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ يبيّن الله لكم أن تضلّوا ﴾ امتنان، و﴿ أن تضلّوا ﴾ تعليل ل ( يبيّنُ ) حذفت منه اللام، وحذفُ الجار مع ( أن ) شائع.
والمقصود التعليل بنفي الضلال لا لوقوعه ؛ لأنّ البيان ينافي التضليل، فحُذفت لا النافية، وحذفها مَوجود في مواقع من كلامهم إذا اتّضح المعنى، كما ورد مع فعل القسم في نحو:
فآليْنَا علَيها أنْ تُبَاعا...
أي أن لا تباع، وقوله:
آليتُ حَبّ العِراق الدهرَ أطْعَمُه...
وهذا كقول عمرو بن كلثوم:
نَزلتم منزل الأضياف منّا...
فعجَّلنا القِرى أنْ تشتمونا