﴿ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً ﴾ أي المستنكفين ومقابليهم المدلول عليهم بذكر عدم استنكاف المسيح والملائكة المقربين عليهم السلام، وقد ترك ذكر أحد الفريقين في المفصل تعويلاً على إنباء التفصيل عنه وثقة بظهور اقتضاء حشر أحدهما لحشر الآخر ضرورة عموم الحشر للخلائق أجمعين كما ترك ذكر أحد الفريقين في التفصيل عند قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ ﴾ [ النساء : ١٧٥ ] مع عموم الخطاب لهما ثقة بمثل ذلك فلا يقال : التفصيل غير مطابق للمفصل لأنه اشتمل على الفريقين والمفصل على فريق واحد، وقيل في توجيه المطابقة : إن المقصود من الحشر المجازاة ويكون قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ ﴾ الخ تفصيلاً للجزاء كأنه قيل : ومن يستنكف عن عبادته فسيعذب بالحسرة إذا رأى أجور العاملين وبما يصيبه من عذاب الله تعالى، فالضمير راجع إلى المستنكفين المستكبرين لا غير وقد روعي لفظ من ومعناها.
وتعقب العلامة التفتازاني ذلك بأنه غير مستقيم لأن دخول ( أما ) على الفريقين لا على قسمي الجزاء، وأورد هذا الفريق بعنوان الإيمان والعمل الصالح لا بوصف عدم الاستنكاف المناسب لما قبله وما بعده للتنبيه على أنه المستتبع لما يعقبه من الثمرات. أ هـ ﴿ روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية