ومن فوائد القاسمى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ لّن يَسْتَنكِفَ المسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لّلّهِ ﴾
جملة مستأنفة لتقرير ما سبق من التنزيه، أي : لن يأنف من أن يكون عبداً لله، فإن عبوديته شرف يتباهى به.
﴿ وَلاَ الملآئِكَةُ المقَرّبُونَ ﴾ من أن يكونوا عبيداً له تعالى، واحتج بالآية من زعم فضل الملائكة على الأنبياء.
قال الزمخشري : أي : ولا من هو أعلى منه قدراً وأعظم منه خطراً، وهم الملائكة الكروبيون، الذين حول العرش، كجبريل وميكائيل وإسرافيل، ومَن في طبقتهم.
ثم قال : فإن قلت : من أين دل قوله :﴿ وَلاَ الملآئِكَةُ المقَرّبُونَ ﴾ على أن المعنى : ولا من فوقه ؟ قلت : من حيث إن علم المعاني لا يقتضي غير ذلك، وذلك أن الكلام إنما سيق لرد مذهب النصارى وغلوهم في رفع المسيح عن منزلة العبودية، فوجب أن يقال لهم : لن يترفع عيسى عن العبودية، ولا من هو أرفع منه درجة، كأنه قيل : لن يستنكف الملائكة المقربون من العبودية، فكيف بالمسيح ؟ ويدل عليه دلالة ظاهرة بينة، تخصيص المقربين، لكونهم أرفع الملائكة درجة وأعلاهم منزلة، ومثاله قول القائل :
~وما مثله من يُجَاِوِدُ حَاتِمٌ ولا البحر ذو الأمواج يَلْتَجُّ زَاخِرُهْ
لا شبهة في أنه قصد بالبحر ذي الأمواج، ما هو فوق حاتم في الجود، ومن كان له ذوق فليذق، مع هذه الآية قوله :﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النّصَارَى ﴾ [ البقرة : ١٢٠ ]، حتى يعترف بالفرق البين. انتهى.