حكماً من أحكام الفرائض المفتتح بها السورة التي هي من أعظم مقاصدها من غير حرف عطف، بل بكمال الاتصال، فقال منكراً عليهم تكرير السؤال عن النساء والأطفال بعد شافي المقال، مبيناً أنه قد هدى في ذلك كله أقوم طريق. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٨٠﴾
فصل
قال الفخر :
ولما قرر على كل العالمين كون محمد رسولاً وكون القرآن كتاباً حقاً أمرهم بعد ذلك أن يتمسكوا بشريعة محمد ﷺ ووعدهم عليه بالثواب فقال ﴿فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ﴾ والمراد آمنوا بالله في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه واعتصموا به أي بالله في أن يثبتهم على الإيمان ويصونهم عن نزع الشيطان ويدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً، فوعد بأمور ثلاثة : الرحمة والفضل والهداية.
قال ابن عباس : الرحمة الجنة، والفضل ما يتفضل به عليهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صراطا مُّسْتَقِيماً﴾ يريد ديناً مستقيماً.
وأقول : الرحمة والفضل محمولان على ما في الجنة من المنفعة والتعظيم، وأما الهداية فالمراد منها السعادات الحاصلة بتجلي أنوار عالم القدس والكبرياء في الأرواح البشرية وهذا هو السعادة الروحانية، وأخر ذكرها عن القسمين الأولين تنبيهاً على أن البهجة الروحانية أشرف من اللذات الجسمانية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩٥ ـ ٩٦﴾
وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ بالله ﴾ أي صدقوا بوحدانية الله تعالى ﴿ واعتصموا بِهِ ﴾ أي تمسكوا بدينه ﴿ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِى رَحْمَةٍ مَّنْهُ ﴾ يعني الجنة ﴿ وَفَضَّلَ ﴾ أي الثواب ﴿ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ ﴾ أي يرشدهم إلى دينه، ويوفقهم لذلك.