وضعف هذا الحديث.
وقد قيل : إن قوله تعالى :﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [المائدة : ٢]أنزل يوم فتح مكة.
ومن الناس من روى عن عمر بن الخطاب :" أن سورة المائدة نزلت بالمدينة في يوم اثنين ".
وهنالك روايات كثيرة أنها نزلت عام حجة الوداع ؛ فيكون ابتداء نزولها بالمدينة قبل الخروج إلى حجة الوداع.
وقد روي عن مجاهد : أنه قال :﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾ إلى ـ ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة : ٣]نزل يوم فتح مكة.
" ومثله عن الضحاك، فيقتضي قولهما أن تكون هذه السورة نزلت في فتح مكة وما بعده.
وعن محمد بن كعب القرظي : أن أول ما نزل من هذه السورة قوله تعالى :﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَاب﴾ ـ إلى قوله ـ ﴿صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة١٦، ١٥]ثم نزلت بقية السورة في عرفة في حجة الوداع.
ويظهر عندي أن هذه السورة نزل بعضها بعد بعض سورة النساء، وفي ذلك ما يدل على أن رسول الله ﷺ قد استقام له أمر العرب وأمر المنافقين ولم يبق في عناد الإسلام
إلا اليهود والنصارى.
أما اليهود فلأنهم مختلطون بالمسلمين في المدينة وما حولها، وأما النصارى فلأن فتوح الإسلام قد بلغت تخوم ملكهم في حدود الشام.
وفي حديث عمر في صحيح البخاري : وكان من حول رسول الله قد استقام له ولم يبق إلا ملك غسان بالشام كنا نخاف أن يأتينا.
وقد امتازت هذه السورة باتساع نطاق المجادلة مع النصارى، واختصار المجادلة مع اليهود، عما في سورة النساء.
مما يدل على أن أمر اليهود أخذ في تراجع ووهن، وأن الاختلاط مع النصارى أصبح أشد منه من ذي قبل.
وفي سورة النساء تحريم السكر عند الصلوات خاصة، وفي سورة المائدة تحريمه بتاتا، فهذا متأخر عن بعض سورة النساء لا محالة.