فصل


قال الشيخ محمد أبو زهرة :
بين يدى السورة
هذه سورة المائدة جاءت بعد سورة النساء، وسميت سورة المائدة لأنها اشتملت فى آخرها على طلب الحواريين من عيسى ابن مريم - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم - أن ينزل عليهم ربهم مائدة من السماء، واستجاب عيسى عليه السلام لما طلبوا فطلب من الله تعالى قائلا كما أخبر القرآن الكريم عنه :(... اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين -
وقد نزلت بعد فتح مكة، وهى سورة مدنية، وإن قال الأكثرون : إن آية :(... اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا... ) إنها نزلت والنبى ( ﷺ ) واقف بعرفات، فى حجة الوداع ؟ لأنها نزلت على أى حال بعد الهجرة.
وهى من آخر القرآن نزولا، وقد اشتملت على أحكام شرعية كثيرة، وابتداؤها يدل على ما فيها، فقد ابتدأت بوجوب الالتزام بالتكليفات التى كلف الله عبيده إياها، وما يعقده العبد مع الناس، ثم أردفت ذلك ببيان الحلال من الذبائح، والحرام منها، مع الإشارة إلى تحريم الصيد فى الحرم من المحرمين، واحترام الشعائر فى الحج.
ثم أشارت من بعد ذلك إلى تمام الشرع الإسلامى، وكماله، وتكلمت السورة الكريمة من بعد ذلك فى العلاقات بين المسلمين وأهل الكتاب من الناحية الشخصية، وإباحة ذبائحهم، وحل نسائهم.
وبعد أن بينت هذه المباحات من الطيبات، أخذت تتجه إلى غذاء الروح بعد غذاء الجسم، وهو الصلاة، وما يجب أن يتقدمها، وأن العبادات لا يريد الله تعالى منها بعباده الضيق والحرج، ولكن الطهارة النفسية.
(... ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم...


الصفحة التالية
Icon