على أن السياق القرآني - كما يبدو في هذه السورة وكما رأيناه في سورتي آل عمران والنساء من قبل لا يكتفي بهذا المعنى الضمني المستفاد من سوق هذه الموضوعات كلها في إطار سورة واحدة ; وسوقها كذلك في شتى سور القرآن المتفرقة التي تؤلف هذا الكتاب ; وتمثل المنهج الرباني الذي يتضمنه.. لا يكتفي السياق القرآني هنا بهذا المعنى الضمني ; إنما ينص عليه نصا ; ويؤكده تأكيدا ; ويتكى ء عليه اتكاء شديدا وهو ينص على أن هذا كله هو "الدين" ; وأن الإقرار به كله هو "الإيمان" ; وأن الحكم به كله "هو الإسلام".. وأن الذين لا يحكمون بما أنزل الله هم الكافرون. الظالمون. الفاسقون.. وأنهم - إذن - يبتغون حكم الجاهلية ولا يبتغي حكم الجاهلية المؤمنون المسلمون.
وهذا الأصل الكبير هو الذي يبرز في هذه السورة بروزا واضحا مقررا منصوصا عليه نصا. إلى جانب تصحيح التصور الاعتقادي الذي يقوم عليه هذا الأصل الكبير..
ويحسن أن نصور من سياق النصوص القرآنية في السورة كيف برز هذان الأصلان الكبيران في سياقها كله، وكيف يقوم هذا على ذاك قياما طبيعيا ومنطقيا.