(لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا ; كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون. وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا. ثم تاب الله عليهم. ثم عموا وصموا.. كثير منهم.. والله بصير بما يعملون).
لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه. لبئس ما كانوا يفعلون. ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم: أن سخط الله عليهم، وفي العذاب هم خالدون. ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء. ولكن كثيرا منهم فاسقون..
(لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا: إنا نصارى. ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون).. إلخ.
وهذه الحملة الكاشفة على أعداء الجماعة المسلمة ; والتركيز فيها على اليهود والمشركين بصفة خاصة مع إشارات إلى المنافقين والنصارى أحيانا، تؤدي بنا إلى شأن آخر مما تعالجه هذه السورة:
إنها تعالج موقفا حاضرا في حياة الجماعة المسلمة في المدينة يومذاك.. كما تعالج موقف الأمة المسلمة، في تاريخها كله تجاه المعسكرات المعادية لها.. وإنها لهي هي.. على مدار الزمان !
ففي أية فترة تاريخية من حياة الجماعة المسلمة في المدينة تنزلت هذه السورة ؟
في روايات كثيرة أن هذه السورة نزلت بعد سورة الفتح.. وسورة الفتح معروف أنها نزلت في الحديبية في العام السادس من الهجرة.. وفي بعض هذه الروايات أنها نزلت مرة واحدة فيما عدا الآية الثالثة، التي فيها: (اليوم أكملت لكم دينكم...)فإنها نزلت في حجة الوداع في السنة العاشرة..