والثانية نزلت فى اليهود والنصارى حين قالوا: نحن أَبناءُ الله وأَحبّاؤُه فقال: ولله ملك السّموات والأَرض وما بينهما، والأَب لا يملك ابنه ولا يعذِّبه، وأَنتم مصيركم إِليه، فيعذِّب من يشاءُ منكم، ويغفر لمن يشاءُ.
قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُواْ﴾ وقال فى سورة إِبراهيم ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ﴾ لاَنَّ تصريح اسم المخاطب مع حرف الخطاب يدُلُّ على تعظيم المخاطب به و[لمَّا] كان ما فى هذه السّورة نِعماً جساماً ما عليها من مزيد وهو قوله ﴿جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ﴾ صرّح، فقال: يا قوم، ولموافقة ما قبله وما بعده من النداءِ وهو ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا﴾ ﴿يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا﴾ ﴿يَامُوسَى إِنَّا﴾ ولم يكن ما فى إِبراهيم بهذه المنزلة فاقتصر على حرف الخطاب.
قوله: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾ كرّره ثلاث مرّات، وختم الأُولى بقوله: الكافرون، والثانية بقوله: الظَّالمون، والثالثة بقوله: الفاسقون، قيل: لأَنَّ الأُولى نزلت فى حكَّام المسلمين، والثانية فى اليهود، والثالثة فى النَّصارى.
وقيل: الكافر والظَّالم والفاسق كلَّها بمعنى واحد، وهو الكفر، عُبِّر عنه بأَلفاظ مختلفة ؛ لزيادة الفائدة، واجتناب صورة التكرار.
وقيل: ومن لم يحكم بما أَنزل الله إِنكاراً له فهو كافر، ومن لم يحكم بالحقِّ جهلاً وحَكمَ بضدّه فهو فاسق، ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاده وحكم بضدّه فهو ظالم، وقيل: ومن لم يحكم بما أَنزل الله فهو كافر بنعمة الله، ظالم فى حكمه، فاسق فى فعله.