والآية الثالثة تشتمل على أمر المللك القيم على حرفي الأمر والنهي اللذين ييبدو أمرهما في الدين، والرابعة تشتمل على حرفي المحكم في قوله ) إياك نعبد ) [ الفاتحة : ٥ ] والمتشابه في قوله ) وإياك نستعين ) [ الفاتحة : ٥ ] ولما كانت بناء خطاب محاضرة لم تردد مسألتها في السورةى فانفرد هذان الحرفان عن الدعاء فيهما / وعادتت مسألة الآيةى الخاتمسة على حرف الحمد ومسألة الآية السادسة على آية النعمة من حرفي الحلال والحرام ومسألأة الآية السابعة على آية الملك من حرفي الأمر والنهي فجمعت الفاتحة جوامع الحروف السبعة.
ولما ابتئت الفاتحة أم القرآن بالسابع الجامع الموهوب ابتدئ القرآن بالحرف السادس المعجوز عنه وهو حرف المتشابه، لأنه عن إظهار العجز ومحض الإيمان كانت الهبة والتأييد، وليكون العبد يفتتح القرآن بالإيمان يغيب متشابه في قوله " الم " فيكون أتم انقيادا لما دونه وبريئا عن الدعنوى في مستطاعه في سائر الحروف، ثم ولى السادس المفتتح به القرآن الخامس المحكم كم وجه في قوله سبحانه وتعالى ) ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( لأن من عمل بها من قلبه شعبة إيمان وعلم كانت له من المحكم، ومن عمل بها ائتمارا وإلجاء ولم يدخل الإيمان في قلبه كانت له حرف أمر ) وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ) [ الحجرات : ١٤ ].