كذلك يبدو اتجاه الرسول ( ﷺ ) إلى الطائف محاولة أخرى لإيجاد قاعدة حرة أو آمنة على الأقل للدعوة.. وهي محاولة لم تكلل بالنجاح لأن كبراء ثقيف استقبلوا رسول الله ( ﷺ ) أسوأ استقبال، وسلطوا عليه سفهاءهم وصبيانهم يرجمونه بالحجارة، حتى أدموا قدميه الشريفتين، ولم يتركوه حتى آوى إلى حائط [ أي حديقة ] لعتبة وشيبة إبني ربيعة.. وهناك انطلق لسانه بذلك الدعاء الخالص العميق :" اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس. يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي. إلى من تكلني ؟ إلى عدو ملكته أمري ! أم بعيد يتجهمني ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي. ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك ".
بعد ذلك فتح الله على الرسول ( ﷺ ) وعلى الدعوة من حيث لا يحتسب، فكانت بيعة العقبة الأولى، ثم بيعة العقبة الثانية. وهما ذواتا صلة قوية بالموضوع الذي نعالجه في مقدمة هذه السورة، وبالملابسات التي وجدت حول الدعوة في المدينة.