قال تعالى :﴿وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى﴾ [ الليل : ١١ ] أي وقع في النار، ويقال : فلان تردى من السطح، فالمتردية هي التي تسقط من جبل أو موضع مشرف فتموت، وهذا أيضاً من الميتة لأنها ماتت وما سال منها الدم، ويدخل فيه ما إذا أصابه سهم وهو في الجبل فسقط على الأرض فإنه يحرم أكله لأنه لا يعلم أنه مات بالتردي أو بالسهم.
والثامن : النطيحة، وهي المنطوحة إلى أن ماتت، وذلك مثل شاتين تناطحا إلى أن ماتا أو مات أحدهما، وهذا أيضاً داخل في الميتة لأنها ماتت من غير سيلان الدم.
واعلم أن دخول الهاء في هذه الكلمات الأربع، أعني : المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، إنما كان لأنها صفات لموصوف مؤنث وهو الشاة، كأنه قيل : حرمت عليكم الشاة المنخنقة والموقوذة، وخصت الشاة لأنها من أعم ما يأكله الناس، والكلام يخرج على الأعم الأغلب ويكون المراد هو الكل.
فإن قيل : لم أثبت الهاء في النطيحة مع أنها كانت في الأصل منطوحة فعدل بها إلى النطيحة، وفي مثل هذا الموضع تكون الهاء محذوفة، كقولهم : كف خضيب، ولحية دهين، وعين كحيل.
قلنا : إنما تحذف الهاء من الفعلية إذا كانت صفة لموصوف يتقدمها، فإذا لم يذكر الموصوف وذكرت الصفة وضعتها موضع الموصوف، تقول : رأيت قتيلة بني فلان بالهاء لأنك إن لم تدخل الهاء لم يعرف أرجل هو أو امرأة، فعلى هذا إنما دخلت الهاء في النطيحة لأنها صفة لمؤنث غير مذكور وهو الشاة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٠٥ ـ ١٠٦﴾
وقال الثعلبى :
﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة ﴾ وهي كل ما له نفس سائلة مما أباح اللّه عز وجل أكلها، فارقتها روحها بغير تذكية، وإنما قلنا : نفس سائلة لأن السمك والجراد دمان وهما حلال.


الصفحة التالية
Icon