والوجه الثاني : أن المراد هو الخبز والفاكهة وما لا يحتاج فيه إلى الذكاة، وهو منقول عن بعض أئمة الزيدية، والثالث : أن المراد جميع المطعومات، والأكثرون على القول الأول ورجحوا ذلك من وجوه : أحدها : أن الذبائح هي التي تصير طعاماً بفعل الذابح، فحمل قوله ﴿وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ على الذبائح أولى، وثانيها : أن ما سوى الذبائح فهي محللة قبل أن كانت لأهل الكتاب وبعد أن صارت لهم، فلا يبقى لتخصيصها بأهل الكتاب فائدة، وثالثها : ما قبل هذه الآية في بيان الصيد والذبائح، فحمل هذه الآية على الذبائح أولى.
ثم قال تعالى :﴿وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ أي ويحل لكم أن تطعموهم من طعامكم لأنه لا يمتنع أن يحرم الله أن نطعمهم من ذبائحنا، وأيضاً فالفائدة في ذكر ذلك أن إباحة المناكحة غير حاصلة في الجانبين، وإباحة الذبائح كانت حاصلة في الجانبين، لا جرم ذكر الله تعالى ذلك تنبيهاً على التمييز بين النوعين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١١٦ ـ ١١٧﴾
وقال الثعلبى :
﴿ اليوم أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات ﴾ يعني الذبائح ﴿ وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب حِلٌّ لَّكُمْ ﴾ يعني ذبائح اليهود والنصارى، ومن دخل في دينهم من سائر الأمم قبل أن يبعث محمد ﷺ حلال لكم، فمن دخل في دينهم بعد بعث النبي ﷺ فلا تحل ذبيحته، فأما إذا سمّى أحدهم غير اللّه عند الذبح مثل قول النصارى : باسم المسيح، اختلفوا فيه.
فقال ربيعة : سمعت ابن عمر يقول : لا تأكلوا ذبائح النصارى، فإنهم يقولون : باسم المسيح، فإنهم لا يستطيعون أن تهدوهم وقد ظلموا أنفسهم، دليله قوله ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [ الأنعام : ١٢١ ].


الصفحة التالية
Icon