وقال الثعلبى :
﴿ والمحصنات مِنَ المؤمنات والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ ﴾
اختلف العلماء في معنى الآية وحكمها، فقال قوم : عنى بالإحصان في هذه الآية الحرية وأجازوا نكاح كل حرّة، مؤمنة كانت أو كتابية فاجرة كانت أو عفيفة وحرّموا إماء أهل الكتاب أن يتزوجهن المسلم بحال، وهذا قول مجاهد وأكثر الفقهاء، والدليل عليه قوله :﴿ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً ﴾ [ النساء : ٢٥ ] الآية، فشرط في نكاح الإماء الإيمان.
وقال آخرون : إنما عنى اللّه تعالى بالمحصنات في هذه الآية العفائف من الفريقين إماءً كنّ أو حرائر، فأجازوا نكاح إماء أهل الكتاب بهذه الآية، وحرّموا البغايا من المؤمنات والكتابيات، وهذا قول أبي ميسرة والسّدي.
وقال الشعبي : إحصان اليهودية والنصرانية أن تغتسل من الجنابة، وتحصن فرجها.
وقال الحسن : إذا رأى الرجل من امرأته فاحشة فاستيقن فإنه لا يمسكها، ثم اختلفوا في الآية أهي عامة أم خاصة. فقال بعضهم : هي عامة في جميع الكتابيات حربيّة كانت أو ذميّة، وهو قول سعيد بن المسيّب والحسن.
وقال بعضهم : هي الذميّات، فإما الحربيات فإنّ نساءهم حرام على المسلمين، وهو قول ابن عباس.
السدّي عن الحكم عن مقسم عنه قال : من نساء أهل الكتاب من تحلّ لنا ومنهم من لا تحل لنا، ثم قرأ :﴿ قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ... ﴾ إلى قوله ﴿ صَاغِرُونَ ﴾ [ التوبة : ٢٩ ]. فمن أعطى الجزية حلّ لنا نساؤه ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.
قال الحكم : فذكرت ذلك لإبراهيم فأعجبه، وكان ابن عمر لا يرى نكاح الكتابيات، ويفسر هذه الآية بقوله :﴿ وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ] يقول : لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى.


الصفحة التالية
Icon