الحادية عشرة فلو غَسَل متوضِّىء رأسه بدل المسح فقال ابن العربي : لا نعلم خلافاً أن ذلك يُجزئه، إلا ما أخبرنا الإمام فخر الإسلام الشاشِي في الدرس عن أبي العباس ابن القاصِّ من أصحابهم قال : لا يُجزئه، وهذا توَلُّج في مذهب الداودية الفاسد من اتباع الظاهر المبطل للشريعة الذي ذمّه الله في قوله :﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا ﴾ [ الروم : ٧ ] وقال تعالى :﴿ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول ﴾ [ الرعد : ٣٣ ] وإلا فقد جاء هذا الغاسل بما أُمِر وزيادة.
فإن قيل : هذه زيادة خرجت عن اللفظ المتعبَّد به ؛ قلنا : ولم يخرج عن معناه في إيصال الفعل إلى المحل ؛ وكذلك لو مسح رأسه ثم حلقه لم يكن عليه إعادة المسح.
الثانية عشرة وأما الأذنان فهما من الرأس عند مالك وأحمد والثوريّ وأبي حنيفة وغيرهم، ثم اختلفوا في تجديد الماء ؛ فقال مالك وأحمد : يستأنف لهما ماء جديداً سوى الماء الذي مَسَح به الرأس، على ما فَعَل ابن عمر ؛ وهكذا قال الشافعيّ في تجديد الماء، وقال : هما سنّة على حالهما لا من الوجه ولا من الرأس ؛ لاتفاق العلماء على أنه لا يحلق ما عليهما من الشعر في الحج ؛ وقول أبي ثور في هذا كقول الشافعيّ.
وقال الثوريّ وأبو حنيفة : يُمْسَحان مع الرأس بماء واحد ؛ ورُوي عن جماعة من السلف مثلُ هذا القول من الصحابة والتابعين.
وقال داود : إن مسح أُذنيه فحسن، وإلا فلا شيء عليه ؛ إذ ليستا مذكورتين في القرآن.
قيل له : اسم الرأس تضمّنهما كما بيّناه.
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة في كتاب النسائيّ وأبي داود وغيرهما " بأن النبيّ ﷺ مسح ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصابعه في صِمَاخَيه "، وإنما يدل عدمُ ذكرهما من الكتاب على أنهما ليستا بفرض كغَسْل الوجه واليدين، وثبتت سُنّة مسحهما بالسنة.