وعلى هذا حمل أحمد بن حنبل ما رواه ابن وهب عنه أنه قال : لا أمسح في حضر ولا سفر.
قال أحمد : كما روى عن ابن عمر أنه أمرهم أن يمسحوا خفافهم وخلع هو وتوضأ وقال : حُبِّب إلي الوضوء ؛ ونحوه عن أبي أيوب.
وقال أحمد رضي الله عنه : فمن ترك ذلك على نحو ما تركه ابن عمر وأبو أيوب ومالك لم أنكره عليه، وصلينا خلفه ولم نعبه، إلا أن يترك ذلك ولا يراه كما صنع أهل البدع، فلا يُصلَّى خلفه.
والله أعلم وقد قيل : إن قوله "وَأَرْجُلكُمْ" معطوف على اللفظ دون المعنى.
وهذا أيضاً يدل على الغسل فإنّ المراعى المعنى لا اللفظ، وإنما خفض للجوار كما تفعل العرب ؛ وقد جاء هذا في القرآن وغيره قال الله تعالى :﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ ﴾ [ الرحمن : ٣٥ ] بالجرّ لأن النحاس الدخان.
وقال :﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ [ البروج : ٢١-٢٢ ] بالجرّ.
قال امرؤ القيس :
كبيرُ أُناسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّل...
فخفض مزمّل بالجوار، وأن المزمّل الرجل وإعرابه الرّفع ؛ قال زهير :
لَعِب الزمان بها وغَيَّرها...
بعدي سَوَافي المُورِ والقَطْرِ
قال أبو حاتم : كان الوجه القطر بالرّفع ولكنه جره على جوار المور ؛ كما قالت العرب : هذا حجر ضَبٍّ خَربٍ ؛ فجرّوه وإنما هو رفع.
وهذا مذهب الأخفش وأبي عبيدة وردّه النحاس وقال : وهذا القول غلط عظيم لأنّ الجوار لا يكون في الكلام أن يقاس عليه، وإنما هو غلط ونظيره الإقواء.


الصفحة التالية
Icon