الرابعة عشرة قوله تعالى :﴿ إِلَى الكعبين ﴾ روى البخاري : حدّثني موسى قال أنبأنا وُهَيْبٌ عن عمرو هو ابن يحياى عن أبيه قال : شهدتُ عمرو بن أبي حَسَن سأل عبد الله ابن زيد عن وضُوء النبي ﷺ فدعا بِتور من ماء، فتوضأ لهم وُضوء النبي ﷺ ؛ فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التَّوْر فمضمض واستنشق واستنثر ثلاث غَرْفاتٍ، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثا، ثم أدخل يديه فغسل يديه إلى المِرفَقين ثلاثاً، ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين ؛ فهذا الحديث دليل على أن الباء في قوله "وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ" زائدة لقوله : فمسح رأسه ولم يقل برأسه، وأنّ مسح الرأس مرة، وقد جاء مبيناً في كتاب مسلم من حديث عبد الله بن زيد في تفسير قوله : فأقبل بهما وأدبر، وبدأ بمقدّم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردّهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه.
واختلف العلماء في الكعبين فالجمهور على أنهما العظمان الناتئان في جنبي الرجل.
وأنكر الأصمعي قول الناس : إنّ الكَعْب في ظهر القدم ؛ قاله في "الصحاح" وروي عن ابن القاسم، وبه قال محمد بن الحسن ؛ قال ابن عطية : ولا أعلم أحداً جعل حدّ الوضوء إلى هذا، ولكن عبدالوهاب في التلقين جاء في ذلك بلفظ فيه تخليط وإيهام ؛ وقال الشافعي رحمه الله : لم أعلم مخالفاً في أنّ الكعبين هما العظمان في مَجْمع مَفْصِل الساق ؛ وروى الطبري عن يونس عن أشهب عن مالك قال : الكعبان اللذان يجب الوضوء إليهما هما العظمان الملتصقان بالساق المحاذيان للعقب، وليس الكعب بالظاهر في وجه القدم.