قلت : هذا هو الصحيح لغة وسنة فإن الكَعْب في كلام العرب مأخوذ من العُلُوّ ومنه سميت الكعبة ؛ وكَعَبَتِ المرأة إذا فلك ثديُها، وكَعْب القناة أنْبُوبها، وأُنبوب ما بين كلِّ عُقْدتين كَعْبٌ، وقد يُستعمل في الشرف والمجد تشبيها ؛ ومنه الحديث.
" واللَّهِ لا يزالُ كَعْبِك عالياً " وأما السّنة فقوله ﷺ فيما رواه أبو داود عن النعمان بن بشير :" واللَّهِ لتُقيمُنَّ صفوفَكم أو ليخالِفَنَّ الله بين قلوبكم " قال : فرأيتُ الرّجل يُلصق مَنْكِبه بِمَنْكِب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه.
والعقب هو مؤخر الرِّجل تحت العُرقوب، والعُرقوب هو مجمع مَفصِل الساق والقدم، ومنه الحديث " وَيْلٌ للعراقيب من النار " يعني إذا لم تُغسل ؛ كما قال :" وَيْلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النّار ".
الخامسة عشرة قال ابن وهب عن مالك : ليس على أحد تخليل أصابع رجليه في الوُضوء ولا في الغُسل، ولا خير في الجفاء والغُلوّ ؛ قال ابن وهب : تخليل أصابع الرِّجلين مُرَغَّب فيه ولا بدّ من ذلك في أصابع اليدين ؛ وقال ابن القاسم عن مالك : من لم يُخلّل أصابع رجليه فلا شيء عليه.
وقال محمد بن خالد عن ابن القاسم عن مالك فيمن توضأ على نهر فحرّك رجليه : إنه لا يُجزئه حتى يَغسلهما بيديه ؛ قال ابن القاسم : وإن قدر على غَسل إحداهما بالأخرى أجزاه.
قلت : الصحيح أنه لا يجزئه فيهما إلا غَسل ما بينهما كسائر الرجل إذ ذلك من الرِّجل، كما أن ما بين أصابع اليد من اليد، ولا اعتبار بانفراج أصابع اليدين وانضمام أصابع الرجلين ؛ فإن الإنسان.
مأمور بغَسل الرِّجل جميعها كما هو مأمور بغسل اليد جميعها.
وقد رُوي عن النبي ﷺ أنه كان إذا توضأ يَدْلُك أصابع رجليه بِخنصره، مع ما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يغسل رجليه ؛ وهذا يقتضي العموم.


الصفحة التالية
Icon