والصحيح أن يقال : إنّ الترتيب متلقى من وجوه أربعة : الأوّل أن يبدأ بما بدأ الله به كما " قال عليه الصلاة والسلام حين حج :"نبدأ بما بدأ الله به" " الثاني من إجماع السلف فإنهم كانوا يرتبون.
الثالث من تشبيه الوضوء بالصلاة.
الرابع من مواظبة رسول الله ﷺ على ذلك.
احتج من أجاز ذلك بالإجماع على أن لا ترتيب في غَسل أعضاء الجنابة، فكذلك غَسل أعضاء الوضوء ؛ لأنّ المعنى في ذلك الغَسل لا التبدية.
وروي عن علي أنه قال : ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأتُ.
وعن عبد الله بن مسعود قال : لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك ؛ قال الدّارقطني : هذا مُرسَل ولا يثبت، والأولى وجوب الترتيب.
والله أعلم.
الثامنة عشرة إذا كان في الاشتغال بالوضوء فوات الوقت لم يتيمم عند أكثر العلماء، ومالك يجوّز التّيمم في مثل ذلك ؛ لأنّ التّيمم إنما جاء في الأصل لحفظ وقت الصلاة، ولولا ذلك لوجب تأخير الصلاة إلى حين وجود الماء.
احتج الجمهور بقوله تعالى :﴿ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ ﴾ وهذا واجد، فقد عدم شرط صحة التيمم فلا يتيمم.
التاسعة عشرة وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن إزالة النجاسة ليست بواجبة ؛ لأنه قال :﴿ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة ﴾ ولم يذكر الاستنجاء وذكر الوضوء، فلو كانت إزالتها واجبة لكانت أوَّل مبدوء به ؛ وهو قول أصحاب أبي حنيفة، وهي رواية أشهب عن مالك.
وقال ابن وهب عن مالك : إزالتها واجبة في الذكر والنسيان ؛ وهو قول الشافعي.
وقال ابن القاسم : تجب إزالتها مع الذكر، وتسقط مع النسيان.
وقال أبو حنيفة : تجب إزالة النجاسة إذا زادت على قدر الدرهم البغلي يريد الكبير الذي هو على هيئة المثقال قياساً على فم المخرج المعتاد الذي عفي عنه.


الصفحة التالية
Icon