الثامنة والعشرون قوله تعالى :﴿ أَوْ لاَمَسْتُمُ النسآء ﴾ روى عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال : القُبلة من اللمس، وكل ما دون الجماع لَمْسٌ ؛ وكذلك قال ابن عمر واختاره محمد بن يزيد قال : لأنه قد ذكر في أوّل الآية ما يجب على من جامع في قوله :﴿ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فاطهروا ﴾.
وقال عبد الله بن عباس : اللمس والمس والغشيان الجماع، ولكنه عزّ وجلّ يكنى.
وقال مجاهد في قوله عزّ وجلّ :﴿ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ﴾ [ الفرقان : ٧٢ ] قال : إذا ذكروا النكاح كنَوَا عنه ؛ وقد مضى في "النساء" القول في هذا الباب مستوفى والحمد لله.
التاسعة والعشرون قوله تعالى :﴿ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً ﴾ قد تقدّم في "النساء" أن عدمه يترتب للصحيح الحاضر بأن يُسجن أو يُربط، وهو الذي يُقال فيه : إنه إن لم يجد ماء ولا تراباً وخشي خروج الوقت ؛ اختلف الفقهاء في حكمه على أربعة أقوال : الأوّل قال ابن خُوَيْزِمَنْدَادَ : الصحيح على مذهب مالك بأنه لا يُصلّي ولا شيء عليه ؛ قال : ورواه المدنيون عن مالك ؛ قال : وهو الصحيح من المذهب.
وقال ابن القاسم : يصلّي ويعيد ؛ وهو قول الشافعي.
وقال أشهب : يصلّي ولا يعيد.
وقال أَصْبَغ : لا يُصلّي ولا يقضي، وبه قال أبو حنيفة.
قال أبو عمر بن عبد البر : ما أعرف كيف أقدم ابن خُوَيْزِمَنْدَاد على أن جعل الصحيح من المذهب ما ذكر، وعلى خلافه جمهور السلف وعامة الفقهاء وجماعة المالكيين.
وأظنه ذهب إلى ظاهر حديث مالك في قوله : وليسوا على ماء الحديثَ ولم يذكر أنهم صلوا ؛ وهذا لا حجة فيه.
وقد ذكر هشام بن عُروة عن أبيه عن عائشة في هذا الحديث أنهم صلوا بغير وضوء ولم يذكر إعادة ؛ وقد ذهب إلى هذا طائفة من الفقهاء.
قال أبو ثور : وهو القياس.


الصفحة التالية
Icon