قلت : وقد احتج المُزَنيّ فيما ذكره الكيَا الطَّبَري بما ذكر في قصة القِلادة عن عائشة رضي الله عنها حين ضلت، وأن أصحاب النبي ﷺ الذين بعثهم لطلب القِلادة صلوا بغير تيمم ولا وضوء وأخبروه بذلك، ثم نزلت آية التيمم ولم ينكر عليهم فعلها بلا وضوء ولا تيمم، والتيمم متى لم يكن مشروعاً فقد صلوا بلا طهارة أصلاً.
ومنه قال المُزَني : ولا إعادة ؛ وهو نص في جواز الصَّلاة مع عدم الطهارة مطلقاً عند تعذر الوصول إليها ؛ قال أبو عمر : ولا ينبغي حمله على المغمى عليه ؛ لأن المغمى عليه مغلوب على عقله وهذا معه عقله.
وقال ابن القاسم وسائر العلماء : الصلاة عليه واجبة إذا كان معه عقله، فإذا زال المانع له توضأ أو تيمم وصلى.
وعن الشافعي روايتان ؛ المشهور عنه يصلّي كما هو ويعيد ؛ قال المُزَنيّ : إذا كان محبوساً لا يقدر على تراب نظيف صلى وأعاد ؛ وهو قول أبي يوسف ومحمد والثوريّ والطَّبَري.
وقال زُفر بن الهُذَيل : المحبوس في الحضر لا يصلّي وإن وجد تراباً نظيفاً.
وهذا على أصله فإنه لا يتيمم عنده في الحضر كما تقدّم.
وقال أبو عمر : من قال يصلّي كما هو ويعيد إذا قدر على الطهارة فإنهم احتاطوا للصَّلاة بغير طَهور ؛ قالوا : وقوله عليه السَّلام :" لا يقبل الله صلاة بغير طَهور " لمن قدر على طَهور ؛ فأمّا من لم يقدر فليس كذلك ؛ لأن الوقت فرض وهو قادر عليه فيصلّي كما قدر في الوقت ثم يعيد، فيكون قد أخذ بالاحتياط في الوقت والطهارة جميعاً.
وذهب الذين قالوا لا يصلّي لظاهر هذا الحديث ؛ وهو قول مالك وابن نافع وأَصْبَغ قالوا : من عدم الماء والصعيد لم يصلِّ ولم يقضِ إن خرج وقت الصَّلاة ؛ لأن عدم قبولها لعدم شروطها يدل على أنه غير مخاطب بها حالة عدم شروطها فلا يترتب شيء في الذمة فلا يقضي ؛ قاله غير أبي عمر، وعلى هذا تكون الطهارة من شروط الوجوب.