الموفية ثلاثين قوله تعالى :﴿ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً ﴾ قد مضى في "النساء" اختلافهم في الصعيد، وحديث عِمران بن حُصَين نص على ما يقوله مالك، إذ لو كان الصعيد التراب لقال عليه السَّلام للرجل عليك بالتراب فإنه يكفيك، فلما قال :" عليك بالصعيد " أحاله على وجه الأرض.
والله أعلم.
﴿ فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ ﴾ تقدّم في "النساء" الكلام فيه فتأمله هناك.
الحادية والثلاثون وإذا انتهى القول بنا في الآي إلى هنا فاعلم أن العلماء تكلموا في فضل الوضوء والطهارة وهي خاتمة الباب : قال ﷺ :" الطُّهور شَطْر الإيمان " أخرجه مسلم من حديث أبي مالك الأشعريّ، وقد تقدّم في "البقرة" الكلام فيه ؛ قال ابن العربي : والوضوء أصل في الدّين، وطهارة المسلمين، وخصوصاً لهذه الأُمة في العالمين.
وقد روي " أن النبي ﷺ توضأ وقال :"هذا وُضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ووُضوء أبي إبراهيم" " وذلك لا يصح ؛ قال غيره : ليس هذا بمعارض لقوله عليه السَّلام :" لكم سِيما ليست لغيركم " فإنهم كانوا يتوضئون، وإنما الذي خص به هذه الأُمّة الغُرَّة والتَّحجيل لا بالوضوء، وهما تفضل من الله تعالى اختص بهما هذه الأُمة شرفاً لها ولنبيها ﷺ كسائر فضائلها على سائر الأُمم، كما فضل نبيها ﷺ بالمقام المحمود وغيره على سائر الأنبياء ؛ والله أعلم.
قال أبو عمر : وقد يجوز أن يكون الأنبياء يتوضئون فيكتسبون بذلك الغرّة والتَّحجيل ولا يتوضأ أتباعهم، كما جاء عن موسى عليه السَّلام قال :"يا رب أجد أُمّة كلهم كالأنبياء فاجعلها أُمّتي" فقال له :"تلك أُمة محمد" في حديث فيه طول.