وهذه الأحاديث وما كان في معناها من حديث عمرو بن عَبَسَة وغيره تفيدك أن المراد بها كون الوضوء مشروعاً عبادة لدحض الآثام ؛ وذلك يقتضي افتقاره إلى نية شرعية ؛ لأنه شرع لمحو الإثم ورفع الدّرجات عند الله تعالى.
الثانية والثلاثون قوله تعالى :﴿ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾ أي من ضيق في الدّين ؛ دليله قوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ ﴾ [ الحج : ٧٨ ].
و"مِن" صلة أي ليجعل عليكم حرجاً.
﴿ ولكن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ﴾ أي من الذنوب كما ذكرنا من حديث أبي هُريرة والصُّنَابِحِي.
وقيل : من الحدث والجنابة.
وقيل : لتستحقوا الوصف بالطهارة التي يوصف بها أهل الطاعة.
وقرأ سعيد بن المسيّب "لِيُطْهِركم" والمعنى واحد، كما يُقال : نجَّاه وأنجاه.
﴿ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ﴾ أي بالترخيص في التيمم عند المرض والسفر.
وقيل : بتِبْيَان الشرائع.
وقيل : بغفران الذنوب ؛ وفي الخبر :" تمام النعمة دخول الجنة والنجاة من النار " ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ أي لتشكروا نعمته فتقبلوا على طاعته. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon