وعلى هذه المفهومات ظهر الاختلاف بين العلماء في مسح الرأس، فروي عن ابن عمر : أنه مسح اليافوخ فقط، وعن سلمة بن الأكوع أنه كان يمسح مقدم رأسه، وعن ابراهيم والشعبي : أي نواحي رأسك مسحت أجزأك، وعن الحسن : إن لم تصب المرأة إلا شعرة واحدة أجزأها.
وأما فقهاء الأمصار فالمشهور من مذهب مالك : وجوب التعميم.
والمشهور من مذهب الشافعي : وجوب أدنى ما ينطلق عليه اسم المسح، ومشهور أبي حنيفة والشافعي : أن الأفضل استيعاب الجميع.
ومن غريب ما نقل عمن استدل على أنّ بعض الرأس يكفي أن قوله تعالى : وامسحوا برؤوسكم، كقولك : مسحت بالمنديل يدي، فكما أنه لا يدل هذا على تعميم جميع اليد بجزء من أجزاء المنديل فكذلك الآية، فتكون الرأس والرجل آلتين لمسح تلك اليد، ويكون الفرض إذ ذاك ليس مسح الرأس والأرجل، بل الفرض مسح تلك اليد بالرأس والرجل، ويكون في اليد فرضان : أحدهما : غسل جميعها إلى المرفق، والآخر : مسح بللها بالرأس والأرجل.
وعلى من ذهب إلى التبعيض يلزم أن يكون التبعيض في قوله في قصة التيمم :﴿ فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ﴾ أن يقتصر على مسح بعض الوجه وبعض اليد، ولا قائل به.
وعلى من جعل الباء آلة يلزم أيضاً ذلك، ويلزم أن يكون المأمور به في التيمم هو مسح الصعيد بجزء من الوجه واليد.
والظاهر أنّ الأمر بالغسل والمسح يقع الامتثال فيه بمرة واحدة، وتثليث المعسول سنة.
وقال أبو حنيفة ومالك : ليس بسنة.
وقال الشافعي : بتثليث المسح.
وروي عن أنس، وابن جبير، وعطاء مثله.
وعن ابن سيرين : يمسح مرتين.
والظاهر من الآية : أنه كيفما مسح أجزأه.
واختلفوا في الأفضل ابتداء بالمقدم إلى القفا، ثم إلى الوسط، ثلاثة أقوال الثابت منها في السنة الصحيحة الأول، وهو قول : مالك، والشافعي، وأحمد، وجماعة من الصحابة والتابعين.
والثاني : منها قول الحسن بن حي.
والثالث : عن ابن عمر.