وقال المسوّر بن مخرمة لابن عباس : هل لك في عبيد بن عمير إذا سمع النداء خرج من المسجد. فقال ابن عباس : هكذا يصنع الشيطان، فدعاه فقال : ما يحملك على ما تصنع إذا سمعت النداء خرجت وتوضأت، قال إن اللّه عز وجل يقول :﴿ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ ﴾... الآية. قال : ليس هذا إذا توضأت فإنك على طهر حتّى تحدث، ثم قال : هكذا يصنع الشيطان إذا سمع النداء ولّى وله ضراط.
وروى الأعمش عن عمارة قال : كان للأسود قعب قد ري رجل وكان يتوضأ به ثم يصلي بوضوئه ذلك الصلوات كلها.
وقال زيد بن أسلم والسّدي : معنى الآية إذا قمتم إلى الصلاة من النوم، وقال بعضهم : أراد بذلك كل قيام العبد إلى صلاته أن يجدّد لها طهراً على طريق الندب والاستحباب، قال عكرمة : كان علي يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ هذه الآية ﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة ﴾.
عن أبي عفيف الهذلي إنه رأى ابن عمر يتوضأ للظهر ثم العصر ثم المغرب، فقلت : يا أبا عبد الرحمن أسنّة هذا الوضوء؟ قال : إنه كان كافياً وضوئي للصلاة كلها مالم أُحدث ولكني سمعت رسول اللّه ﷺ يقول :" من توضأ على طهر كتب اللّه له عشر حسنات " ففي ذلك رغبت يا ابن أخي.
وقال بعضهم : بل كان هذا أمراً من اللّه عز وجل لنبيه وللمؤمنين حتماً وامتحاناً أن يتوضأ لكل صلاة، ثم نسخ للتخفيف.
وقال محمد بن يحيى بن جبل الأنصاري قلت : لعبيد اللّه بن عمر : أخبرني عن وضوء عبد اللّه لكل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر عمّن هو؟ قال : حدّثتنيه أسماء بنت زيد الخطاب أن عبد اللّه بن حنظلة بن أبي عامر الغسيلي حدثها أن النبي ﷺ أُمر بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه فأُمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلاّ من حدث، وكان عبد اللّه يرى أن به قوّة عليه فكان يتوضأ.


الصفحة التالية
Icon