كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه " وقد قال بعضهم : إنّ "إلى" بمعنى مع، كقولهم : الذَّوْد إلى الذَّوْدِ إبل، أي مع الذود، وهذا لا يحتاج إليه كما بيناه في "النساء" ؛ ولأن اليد عند العرب تقع على أطراف الأصابع إلى الكَتِف، وكذلك الرّجْل تقع على الأصابع إلى أصل الفِخذ ؛ فالمرفق داخل تحت اسم اليد، فلو كان المعنى مع المَرَافق لم يُفد، فلما قال :"إلى" اقتطع من حدّ المرافِق عن الغسل، وبقِيت المرافق مغسولة إلى الظُّفر، وهذا كلام صحيح يجري على الأُصول لغة ومعنى ؛ قال ابن العربي : وما فهم أحد مقطع المسألة إلا القاضي أبو محمد فإنه قال : إن قوله "إلى المرافِق" حدّ للمتروك من اليدين لا للمغسول فيهما ؛ ولذلك تدخل المرافِق في الغسل.
قلت : ولما كان اليد والرّجل تنطلق في اللغة على ما ذكرنا كان أبو هريرة يبلغ بالوضوء إبطه وساقه ويقول : سمعت خَلِيلي ﷺ يقول :" تبلغ الحِلْية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " قال القاضي عياض : والناس مجمعون على خلاف هذا، وألا يتعدّى بالوضوء حدوده ؛ لقوله عليه السلام :" فمن زاد فقد تعدّى وظَلَم " وقال غيره : كان هذا الفعل مذهباً له ومما انفرد به، ولم يَحْكه عن النبيّ ﷺ وإنما استنبطه من قوله عليه السلام :" أنتم الغُرّ المُحَجَّلُون " ومن قوله :" تبلغ الحلية " كما ذكر.
السابعة قوله تعالى :﴿ وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ ﴾ تقدّم في "النساء" أن المسح لفظ مشترك.