ومسحتِ باللِّثتين عَصْفَ الإثمد
واللثة هي الممسوحة بعَصْف الإثمد فقلب، وإما على الاشتراك في الفعل والتساوي في نسبته كقول الشاعر :
مِثْل القَنَافِذ هَدّاجون قد بَلَغت...
نَجران أو بلغت سَوْءاتهم هَجَرُ
فهذا ما لعلمائنا في معنى الباء.
وقال الشافعي : احتمل قول الله تعالى :﴿ وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ ﴾ بعض الرأس ومسح جميعه فدلّت السُّنّة أن مسح بعضه يُجزىء، وهو أن النبي ﷺ مَسحَ بناصِيته ؛ وقال في موضع آخر : فإن قيل قد قال الله عزّ وجلّ :﴿ فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ ﴾ في التّيمّم أيُجزِىء بعض الوجه فيه؟ قيل له : مسح الوجه في التيمم بدل من غسله ؛ فلا بدّ أن يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل منه، ومسح الرأس أصل ؛ فهذا فرق ما بينهما.
أجاب علماؤنا عن الحديث بأن قالوا : لعلّ النبيّ ﷺ فعل ذلك لعذر لا سيّما وكان هذا الفعل منه ﷺ في السفر وهو مَظِنّة الأعذار، وموضع الاستعجال والاختصار، وحذف كثير من الفرائض لأجل المشقّات والأخطار ؛ ثم هو لم يكتف بالناصية : حتى مسح على العِمامة ؛ أخرجه مسلم من حديث المُغيِرة بن شُعْبة ؛ فلو لم يكن مسح جميع الرأس واجباً لما مسَحَ على العِمامة ؛ والله أعلم.
التاسعة وجمهور العلماء على أن مَسْحة واحدة موعِبة كاملة تجزىء.
وقال الشافعي : يمسح رأسه ثلاثاً ؛ ورُوي عن أنس وسعيد بن جبيْر وعطاء.
وكان ابن سِيرين يمسح مرتين قال أبو داود : وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرّةً ؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثاً، قالوا فيها : ومَسَح برأسِه ولم يذكروا عدداً.
العاشرة واختلفوا من أين يبدأ بمسحه ؛ فقال مالك : يبدأ بمقدَّم رأسه، ثم يذهب بيديه إلى مؤخّره، ثم يردّهما إلى مقدّمه ؛ على حديث عبد الله بن زيد أخرجه مسلم ؛ وبه يقول الشافعيّ وابن حنبل.


الصفحة التالية
Icon