وقال ابن كثير :
يقول تعالى مُذكرًا عباده المؤمنين نعمتَه عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم، وما أخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته، والقيام بدينه وإبلاغه عنه وقبوله منه، فقال [تعالى] ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون رسول الله ﷺ عليها عند إسلامهم، كما قالوا :"بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وأثرةً علينا، وألا ننازع الأمر أهله"، وقال تعالى :﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [ الحديد : ٨ ] وقيل : هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمد ﷺ والانقياد لشرعه، رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وقيل : هو تذكار بما أخذ تعالى من العهد على ذرية آدم حين استخرجهم من صلبه وأشهدهم على أنفسهم :﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ] قاله مجاهد، ومُقَاتِل بن حَيَّان. والقول الأول أظهر، وهو المحكي عن ابن عباس، والسُّدِّي. واختاره ابن جرير.
ثم قال تعالى :﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ تأكيد وتحريض على مواظبة التقوى في كل حال.
ثم أعلمهم أنه يعلم ما يتخالج في الضمائر والسرائر من الأسرار والخواطر، فقال :﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٣ صـ ٦١ ـ ٦٢﴾