وقيل : إشارة إلى ما أخرجه غير واحد من حديث جابر " أن النبي ﷺ نزل منزلاً فتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها فعلق النبي ﷺ سلاحه بشجرة فجاء أعرابي إلى سيفه فأخذه فسله، ثم أقبل على النبي ﷺ فقال : من يمنعك مني؟ قال : الله تعالى قالها الأعرابي مرتين، أو ثلاثاً والنبي ﷺ في كل ذلك يقول : الله تعالى، فشام الأعرابي السيف فدعا النبي ﷺ أصحابه فأخبرهم بصنيع الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه "، ولا يخفى أن سبب النزول يجوز تعدده، وأن القوم قد يطلق على الواحد كالناس في قوله تعالى :﴿ الذين قَالَ لَهُمُ الناس ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ] وأن ضرر الرئيس ونفعه يعودان إلى المرؤوس.
﴿ واتقوا الله ﴾ عطف على ﴿ اذكروا ﴾ أي اتقوه في رعاية حقوق نعمته ولا تخلوا بشكرها، أي في الأعم من ذلك ويدخل هو دخولاً أولياً.
﴿ وَعَلَى الله ﴾ خاصة دون غيره استقلالاً أو اشتراكاً ﴿ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون ﴾ فإنه سبحانه كاف في درء المفاسد وجلب المصالح، والجملة تذييل مقرر لما قبله، وإيثار صيغة أمر الغائب وإسنادها للمؤمنين لإيجاب التوكل على المخاطبين بطريق برهاني ولإظهار ما يدعو إلى الامتثال، ويزع عن الإخلال مع رعاية الفاصلة، وإظهار الاسم الجليل لتعليل الحكم وتقوية استقلال الجملة التذييلية وقد مرت نظائره وهذه الآية كما نقل عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه تقرأ سبعاً صباحاً وسبعاً مساءاً لدفع الطاعون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
بعد قوله تعالى :﴿ واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به ﴾ [ المائدة : ٧ ] أعيد تذكيرهم بنعمة أخرى عظيمة على جميعهم إذ كانت فيها سلامتهم، تلك هي نعمة إلقاء الرعب في قلوب أعدائهم لأنّها نعمة يحصل بها ما يحصل من النصر دون تجشّم مشاقّ الحرب ومتالفها.