وافتتاح الاستئناف بالنّداء ليحصل إقبال السامعين على سماعه.
ولفظ :﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ وما معه من ضمائر الجمع يؤذن بأنّ الحادثة تتعلّق بجماعة المؤمنين كلّهم.
وقد أجمل النعمة ثُمّ بيّنها بقوله :﴿ إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم ﴾.
وقد ذكر المفسّرون احتمالات في تعيين القوم المذكورين في هذه الآية.
والّذي يبدو لي أنّ المراد قوم يعرفهم المسلمون يومئذٍ ؛ فيتعيّن أن تكون إشارة إلى وقعة مشهورة أو قريبة من تاريخ نزول هذه السورة.
ولم أر فيما ذكروه ما تطمئنّ له النّفس.
والّذي أحسب أنّها تذكير بيوم الأحْزاب ؛ لأنّها تشبه قوله :﴿ يا أيّها الّذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾ [ الأحزاب : ٩ ] الآية.
ويجوز أن تكون الإشارة إلى ما كان من عزم أهل مكّة على الغدْر بالمسلمين حين نزول المسلمين بالحديبية عام صلح الحديبية ثُمّ عدلوا عن ذلك.
وقد أشارت إليها الآية :﴿ وهو الّذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة ﴾ [ الفتح : ٢٤ ] الآية.
ويجوز أن تكون الإشارة إلى عزم أهل خيبر وأنصارهم من غطفان وبني أسد على قتال المسلمين حين حصار خيبر، ثم رجعوا عن عزمهم وألقَوا بأيديهم، وهي الّتي أشارت إليها آية :﴿ وَعَدَكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجّل لكم هذه وكفّ أيديَ النّاس عنكم ﴾ [ الفتح : ٢٠ ].
وعن قتادة : سبب الآية ما همَّت به بنو محارب وبنو ثعلبة يوم ذات الرقاع من الحمل على المسلمين في صلاة العصر فأشعر الله رسولَه بذلك، ونزلت صلاةُ الخوف، وكفّ الله أيديهم عن المؤمنين.
وأمّا ما يذكر من غير هذا ممّا همّ به بنو النضِير من قتل النبي ﷺ حين جاءهم يستعينهم على دية العامريَّيْننِ فتآمروا على أن يقتلوه، فأوحى الله إليه بذلك فخرج هو وأصحابه.