قوله تعالى ﴿اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ للتقوى واتقوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
قال الفخر :
نهاهم أولاً عن أن يحملهم البغضاء على ترك العدل ثم استأنف فصرح لهم بالأمر بالعدل تأكيداً وتشديداً، ثم ذكر لهم علة الأمر بالعدل وهو قوله ﴿هُوَ أَقْرَبُ للتقوى﴾ ونظيره قوله ﴿وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ للتقوى﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] أي هو أقرب للتقوى،
وفيه وجهان، الأول : هو أقرب إلى الاتقاء من معاصي الله تعالى،
والثاني : هو أقرب إلى الاتقاء من عذاب الله وفيه تنبيه عظيم على وجوب العدل مع الكفار الذين هم أعداء الله تعالى، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه.
ثم ذكر الكلام الذي يكون وعداً مع المطيعين ووعيداً للمذنبين وهو قوله تعالى :﴿واتقوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ يعني أنه عالم بجميع المعلومات فلا يخفى عليه شيء من أحوالكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤٤﴾
وقال الآلوسى :
﴿ اعدلوا ﴾ أيها المؤمنون في أوليائكم وأعدائكم، واقتصر بعضهم على الأعداء بناءاً على ما روي أنه لما فتحت مكة كلف الله تعالى المسلمين بهذه الآية أن لا يكافئوا كفار مكة بما سلف منهم، وأن يعدلوا في القول والفعل ﴿ هُوَ ﴾ راجع إلى العدل الذي تضمنه الفعل، وهو إما مطلق العدل فيندرج فيه العدل الذي أشار إليه سبب النزول، وإما العدل مع الكفار ﴿ أَقْرَبُ للتقوى ﴾ أي أدخل في مناسبتها لأن التقوى نهاية الطاعة وهو أنسب الطاعات بها، فالقرب بينهما على هذا مناسبة الطاعة للطاعة، ويحتمل أن يكون أقربيته على التقوى باعتبار أنه لطف فيها فهي مناسبة إفضاء السبب إلى المسبب وهو بمنزلة الجزء الأخير من العلة، واللام مثلها في قولك : هو قريب لزيد للاختصاص لا مكملة فإنه بمن أو إلى.
وتكلف الراغب في توجيه الآية فقال :