ولما كانوا قد تركوا أصلاً ورأساً ما لا يقدرون لصراحته على تحريفه، قال معبراً بالماضي إعلاماً بحرمهم بالبراءة من ذلك :﴿ونسوا حظاً﴾ أي نصيباً نافعاً معلياً لهم ﴿مما ذكروا به﴾ أي من التوراة على ألسنة أنبيائهم عيسى ومن قبله عليهم السلام، تركوه ترك الناسي للشيء لقلة مبالاته به بحيث لم يكن لهم رجوع إليه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية.
ولما ذكر سبحانه ما يفعلونه في حقه في كلامه الذي هو صفته، أتبعه ما يعم حقه وحق نبيه ﷺ على وجه معلم أن الخيانة ديدنهم، تسلية له ﷺ فقال :﴿ولا تزال﴾ أي بما نطلعك عليه يا أكرم الخلق! ﴿تطلع﴾ أي تظهر ظهوراً بليغاً ﴿على خائنة﴾ أي خيانة عظيمة تستحق أن تسمي فاعلها الخؤون لشدتها و﴿منهم﴾ أي في حقك بقصد الأذى، وفي حق الله تعالى بإخفاء بعض ما شرعه لهم ﴿إلا قليلاً منهم﴾ فإنهم يكونون على نهج الاستقامة إما بالإيمان، وإما بالوفاء وهم متمسكون بالكفر، ثم سبب عن هذا الذي في حقه ﷺ قوله :﴿فاعف عنهم﴾ أي امح ذنبهم ذلك الذي اجترحوه، وهو دون النقض والتحريف فلا تعاقبهم عليه.


الصفحة التالية
Icon