﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم ﴾ أي بسبب نقضهم ميثاقهم المؤكد لا بشيء آخر استقلالاً وانضماماً، فالباء سببية، و( ما ) مزيدة لتوكيد الكلام وتمكينه في النفس، أو بمعنى شيء كما قال أبو البقاء، والجار متعلق بقوله تعالى :﴿ لَّعَنَهُمُ ﴾ أي طردناهم وأبعدناهم من رحمتنا عقوبة لهم قاله عطاء وجماعة وعن الحسن ومقاتل أن المعنى مسخناهم قردة وخنازير، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عذبناهم بضرب الجزية عليهم، ولا يخفى أن ما قاله عطاء أقرب إلى المعنى الحقيقي لأن حقيقة اللعن في اللغة الطرد والإبعاد فاستعماله في المعنيين الأخيرين مجاز باستعماله في لازم معناه، وهو الحقارة بما ذكر لكنه لا قرينة في الكلام عليه، وتخصيص البيان بما ذكر مع أن حقه أن يبين بعد بيان تحقق ( نفس ) اللعن والنقض بأن يقال مثلاً : فنقضوا ميثاقهم فلعناهم ضرورة تقدم هيئة الشيء البسيطة على هيئته المركبة كما قال شيخ الإسلام للإيذان بأن تحققهما أمر جلي غني عن البيان، وإنما المحتاج إلى ذلك ما بينهما من السببية والمسببية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ حمزة والكسائي ( قسية ) بتشديد الياء بغير ألف على وزن فعلية، والباقون بالألف والتخفيف، وفي قوله ( قسية ) وجهان :
أحدهما : أن تكون القسية بمعنى القاسية إلا أن القسي أبلغ من القاسي، كما يقال : قادر وقدير، وعالم وعليم، وشاهد وشهيد، فكما أن القدير أبلغ من القادر فكذلك القسي أبلغ من القاسي، الثاني : أنه مأخوذ من قولهم : درهم قسي على وزن شقي، أي فاسد رديء.
قال صاحب "الكشاف" وهو أيضاً من القسوة لأن الذهب والفضة الخالصين فيهما لين، والمغشوش فيه يبس وصلابة، وقرىء ( قسية ) بكسر القاف للإتباع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon