وهو وإن كان مراداً به الإهمال فإنّ في صوغه بصيغة الماضي ترشيحاً للاستعارة أو الكناية لتهاونهم بالذكرى.
والحظّ النصيب، وتنكيره هنا للتعظيم أو التكثير بقرينة الذمّ.
وما ذكّروا به هو التّوراة.
وقد جمعت الآية من الدلائل على قلّة اكتراثهم بالدّين ورقّة اتِّباعهم ثلاثة أصول من ذلك : وهي التعمّد إلى نقض ما عاهدوا عليه من الامتثال، والغرور بسوء التأويل، والنسيان الناشىءُ عن قلّة تعهّد الدّين وقلّة الاهتمام به.
والمقصود من هذا أن نعتبر بحالهم ونتّعظ من الوقوع في مثلها.
وقد حاط علماء الإسلام رضي الله عنهم هذا الدّين من كلّ مسارب التحريف، فميّزوا الأحكام المنصوصة والمقيسة ووضعوا ألقاباً للتمييز بينها، ولذلك قالوا في الحكم الثابت بالقياس : يجوز أن يقال : هو دين الله، ولا يجوز أن يُقال : قاله الله. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَنَسُواْ حَظَّا مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ﴾
قال الفخر :
قال ابن عباس : تركوا نصيباً مما أمروا به في كتابهم وهو الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٤٩﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَنَسُواْ حَظَّا ﴾ أي وتركوا نصيباً وافياً، واستعمال النسيان بهذا المعنى كثير ﴿ مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ ﴾ من التوراة أو مما أمروا به فيها من اتباع محمد ﷺ، وقيل : حرفوا التوراة فسقطت بشؤم ذلك أشياء منها عن حفظهم، وأخرج ابن المبارك وأحمد في "الزهد" عن ابن مسعود قال : إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها، وفي معنى ذلك قول الشافعي رضي الله تعالى عنه :
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور...
ونور الله لا يهدى لعاصي. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon