من روائع الإمام شرف الدين البوصيري ٍ
قال عليه الرحمة :
أسَمِعْتُمُ أنَّ الإلَه لحَاجَة ٍ
فأبى أقلُّ العالمين عُقُولا
قومٌ رأوا بشراً كريماً فادَّعوا
من جهلهمْ للهِ فيهِ حُلولا
وعصابة ٌ ماصدقتهُ وأكثرتْ
بالإفكِ والبهتانِ فيه القيلا
لَمْ يَأْتِ فيهِ مُفْرِطٌ ومُفَرِّطٌ
بالحَقِّ تَجْرِيحاً وَلا تَعْدِيلا
فكأنما جاء المسيحُ إليهمُ
لِيُكَذِّبُوا التَّوْراة َ والإنجيلا
فاعجبْ لأمتهِ التي قد صيَّرتْ
تنزيهها لإلهها التَّنكيلا
وإِذا أرادَ الله فِتْنَة َ مَعْشَرٍ
وَأَضَلّهُمْ رَأوُا القَبِيحَ جَمِيلا
هُمْ بجَّلُوهُ بِباطِلٍ فابْتَزَّهُ
أعداؤُه بالباطلِ التَّبْجِيلا
ويَنَامُ مِنْ تَعَبٍ وَيَدْعُو رَبَّهُ
زُمراً ألم ترَ عِقدها محلولا
هُوَ آدَمٌ فِي الفَضلِ إلاَّ أنهُ
لَمْ يُعْطَ حال النَّفخة ِ التَّكْمِيلا
أسَمِعْتُمُ أنَّ الإلَه لحَاجَة ٍ
يتناولُ المشروبَ والمأكولا
وينامُ من تعبٍ ويدعو ربَّهُ
ويرومُ من حرِّ الهجيرِ مقيلا
ويمسُّهُ الألمُ الذي لم يستطعْ
صَرْفاً لَهُ عنهُ ولا تَحْوِيلا
ياليتَ شعري حين مات بزعمهم
منْ كان بالتدبير عنهُ كفيلا
هَلْ كانَ هَذا الكَوْنُ دَبَّرَ نَفْسَهُ
من بعدهِ أم آثرَ التعطيلا
اجزُوا اليَهُودَ بِصَلْبِهِ خَيراً ولا
تُخْزُوا يَهُوذَا الآخِذَ البِرْطِيلا
زعموا الإلهَ فدى العبيدَ بنفسهِ
وأراهُ كانَ القاتِلَ المَقْتُولا
أيَكونُ قَوْمٌ في الجَحِيمِ ويَصْطَفِي
منهم كَلِيما رَبُّنا وخَليلا
وإذا فَرَضْتُمْ أنَّ عيسى ربَّكُمْ
أَفَلَمْ يَكُنْ لِفِدائِكُمْ مَبْذُولا
وأُجِلُّ رُوحاً قامَتِ المَوْتى بهِ
عَنْ أَنْ يُرَى بِيَدِ اليَهودِ قَتِيلا
فدعوا حديثَ الصَّلبِ عنه ودونكمْ
مِنْ كُتْبِكُمْ ما وافَقَ التَّنْزِيلا
شهدَ الزبورُ بحفظهِ ونجاتهِ
أفتعجلون دليلهُ مدخولا
أيَكونُ قَوْمٌ في الجَحِيمِ ويَصْطَفِي
أو من أشيدَ بنصرهِ مخذولا؟
أيَجُوزُ قَوْلُ مُنَزِّهِ لإِلههِ


الصفحة التالية
Icon